بين الله تعالى أن من يتعلم العلم بغية الإضرار بنفسه، أو بالناس، أو يعلمه لغيره؛ فما له من خلاق في الآخرة، وبئس ما باع به نفسه، فقال تعالى بشأن من يتعلمون السحر، أو من يعلمونه:{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} . [البقرة: ١٠٢]
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أوردناه آنفا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني وزدني علمًا، والحمد لله على حال)) .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ في دعائه من علمٍ لا ينفع، فقد كان يقول:((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشغ، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)) . (١)
وفيما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا ضرر، ولا ضرار)) أي لا يضر الإنسان غيره، ولا يرد الضرر بالضرر, والعلم الذي يضر ولا ينفع، داخل تحت هذا الحديث، والعبرة بالضرر العام، فما كان ضرره عامًّا يحرم ويمنع، حتى وإن كان فيه مصلحة خاصة.. وشواهد ذلك كثيرة في شريعة الله تعالى , ومنها الخمر والميسر، فقد حرما، مع أنه قد يكون فيهما نفع، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}[البقرة: ٢١٩] ، فنفعهما أُهدِر، وجاء التحريم بقوله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٩٠] ، يما يترتب عليهما من مضارَّ كثيرة.
(١) رواه مسلم في صحيحه، حديث رقم ١٨٧١ مختصرًا، رواه زياد بن أرقم.