للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد كان تكريم العلم والعلماء في ظل الإسلام وفي ظل شريعته الغراء آية تكشف لنا عن مدى اهتمام المشرع الحكيم بتنمية هذا الحقل، ورعاية هذا الغرس حتى يؤتي ثماره، ويحقق أهدافه السامية في إسعاد البشرية جميعها.

قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: ٢٨] . وقرئ لفظ (العلماء) مرفوعًا على أنه فاعل يخشى، أي أن العلماء العالمين به جل شأنه هم الذين يخشونه أشد الخشية، وقرئ منصوبًا على أنه مفعول ليخشى ولفظ الجلالة فاعله، وحينئذ تكون خشية الله من العلماء العالمين والمؤمنين به هي خشية تكريم وإجلال لهم.

وقال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} . [الزمر: ٩]

وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (١) [المجادلة: ١١]

وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ١٨] ، شهد الله تعالى وكفى به شهيدًا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم وأصدق القائلين (لا إله إلا هو) أي المنفرد بالألوهية، وأن الجميع عبيده وخلقه، وفقراء إليه، وهو الغني عما سواه، ثم قرن - جل شأنه - بشهادته شهادة الملائكة وشهادة أولي العلم، وهذه خصوصية عظيمة لأولي العلم في هذا المقام، وهي أجل مقام وأعزه.

ومن الأحاديث أنه روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، وإن العالم ليتستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثُوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) . (٢)


(١) المعنى أن الله سبحانه وتعالى يرفع الذين آمنوا منكم في الدنيا وفي الآخرة بتوفير نصيبهم فيها، ويرفع الذين أوتوا العلم منكم درجات عالية في الكرامة في الدنيا والثواب في الآخرة، فمن جمع بين الإيمان والعلم رفعه الله بإيمانه درجات، ثم رفعه بعلمه درجات.
(٢) أخرجه الترمذي: ٥/ ٤٨- ٤٩، وقال: ليس عندي بمتصل؛ وأخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٧٤ من حديث أبي هريرة مرفوعًا (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>