للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كل ذلك يتبين لنا بما لا يحتمل الشك جهالة موقف المستنسخ من انتمائه النسبي جهالة فاحشة، وأيضا ًجهالة من يصح شرعًا أن ينسب إليه من الأصول، الآباء والأمهات، وإن علوا، والفروع وإن نزلوا.. مما يؤدي قطعًا إلى جهالة حقوقه وواجباته المقررة شرعًا له وعليه.

ومن المعلوم لدينا يقينًا أن الحقوق لا تنال إلا بحق، فطريقها اليقين، أما الظن أو الشك أو الوهم فلا مجال لإثبات الحقوق أو الواجبات الشرعية بأي منها، ولكل صاحب مصلحة الحق كل الحق في أن يتدخل لمنع المستنسخ مما قد يعطى له تحت أي اصطلاح أو مسمى.. لأن الشريعة قد أعطت كل ذي حق حقه، وبينت ذلك بيانًا واضحًا لا لبس فيه.

البصمة:

هذا وفي المجال الجنائي قد أصبحت (البصمة) دليلًا قويًا، يتعرف بها على المجرمين، وهنا وفي ظل هذا النوع من الاستنساخ ستكون بصمة المستنسخ مطابقة لبصمة من أخذت منها خليته الجسدية، ومن ثم يفقد هذا الدليل قدرته على التعرف على مرتكبي الجرائم، وبخاصة أنه يمكن أن تستنسخ بؤر الإجرام أشخاصًا متعددين من شخص واحد، ثم تدفعهم لارتكاب الجرائم التي يرغبون في ارتكابها في أي مكان، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

الرأي في الاستنساخ التقليدي:

إنه إزاء ما ذكرته من أدلة، وما أوضحته من مضار لهذا النوع من الاستنساخ (التقليدي) ، وما ثبت من تقلص جدواه ومنافعه، أرى أنه لا يجوز شرعًا اتخاذ هذا المسلك لإيجاد إنسان عن طريق الاستنساخ التقليدي، تكريمًا للإنسان وحفاظًا على ذاتيته وكيانه، وصيانة لحقوقه وواجباته، ودفعًا للشرور المترتبة على ذلك، ودرءًا لمفاسد عظيمة عن الأفراد والجماعات، بل والعالم بأسره، كما أرى أن الاستنساخ التقليدي في مجال المسخرات للإنسان - من النبات والحيوان - جائز شرعًا لما سبق أن ذكرته من أدلة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

أما علاج العقم فقد أشار القرآن الكريم إلى أن من المتزوجين من ينجب إناثًا، ومنهم من ينجب ذكورًا، ومنهم من ينجب ذكورًا وإناثًا، ومنهم من يكون عقيمًا، أحوال أربعة:

قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠) } [الشورى: ٤٩- ٥٠]

وقد ثبت بما لا يقبل شكًّا أو ظنًّا ما يأتي:

أن العالم ينمو بصفة دائمة ومطردة، في كل دول العالم دون استثناء، حتى أن بعض الدول أخذت تدعو إلى تحديد النسل، أو تنظيمه، ليس فقط بل وبعضها لا يمنع ذلك داخليًّا ويدعو إليه دولًا أخرى، بل ويقدم معونات للإنفاق على هذه الدعوة، لمآرب وغايات، ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها لا يخفى على لبيب.. فالنمو البشري مطرد بصفة دائمة ومنتظمة رغم ما يتفجر من حروب وما قد ينتشر من أوبئة.. مما يدل على أن الكون قد نظمت جميع أموره بحكمة بالغة، وقدرة لا تدانيها قدرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>