للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم فما أخذ من جسم الإنسان ليكون إنسانًا بعد نموه على المنهج الذي ذكرناه، لا يصدق عليه أنه ابن لمن أخذت منه الخلية الجسدية، إذ هو نسخة منه، أي هو نفسه، ولا يصدق عليه أنه هو نفسه، إذن صاحب الخلية الجسدية شخص معين، أصبحت له حقوق وعليه واجبات، قِبَل الخالق والمخلوق، قبل الأب والأم، وقبل الأسرة جميعها، وقبل المجتمع، في الشرع، بل وفي القوانين الوضعية.

وكذلك لا يصدق عليه أنه شقيق له، لأن علاقة الإخوة لها أيضًا أركان لا بد من استيفائها، وهي تدور حول ما أنجبه الزوجان من أولاد لهم تحت ظل عقد زواجهما على المنهج الشرعي المعروف , ومن ثم فلا يتأتى شرعًا وعقلًا وعرفًا أن يقتحم هذه العلاقة كائن جديد، لا تتوافر فيه هذه الضوابط، ولا يتأتى أيضًا أن يتأثر بحقوق غيره من أصحاب الحقوق الشرعية ويختص بها دونهم، فإذ حدث ذلك حدث تغالب وتناحر، وأدى هذا إلى فساد كبير.

وكذلك لا يصدق على هذا الكائن (النسخة) أنه ابن للمرأة التي أخذت بييضتها، وفرغت من نواتها، ووضعت فيها هذه الخلية الجسدية ... وذلك لأن خواص الأم، وصفاتها الوراثية قد أعدمت عندما انتزعت نواة بييضتها، ولم يتحقق الامتزاج بين خلية الذكر وخلية الأنثى على الوجه الذي ذكرناه، ولم يكتسب الجنين من صفات الأم الوراثية الأساسية شيئًا، أي لم يحدث انتماء لها لا معنًى ولا حقيقة.. سوى كونها حاضنة، ودور الحاضنة هو دور إنماء لا إنشاء، ودور رعاية وتنمية لا دور تكوين وتكون، ما دامت خواصها وصفاتها الوراثية قد انتزعت من بييضتها، وحل محلها كائن آخر لا يحتاج إلا إلى وسط ملائم لنموه، وبذلك تفقد صفة الأم أهم أركانها وأساس محورها ومحور كيانها ووجودها حقيقة لا صورة ولا شكلًا.

وكذلك لا يصدق عليه أنه زوج لهذه المرأة؛ إذ الفرض أن الخلية أخذت من زوجها وإلا لا يجوز إطلاقًا , إذ علاقة الزوجية أيضًا مثل علاقة الأبوة والبنوة، هي علاقة خاصة بين اثنين معينين بذواتهما، اسمًا ورسمًا - فلان وفلانة، تحت ظل عقد زواج صحيح، ولا يسمح الشرع باختلاط هذه العلاقة أو العبث بها، أو اقتراب الغير منها، وإلا كان العقاب أشد العقاب.. ومن ثم لا تأخذ (النسخة) الحادثة من الاستنساخ التقليدي صفة الزوجية، باعتبار أنها أخذت من الزوج، كما أنها لا تأخذ صفة البنوة، لأن دور الأمومة قد انتقض بتفريغ نواة بييضة الزوجة من صفاتها وخواصها الوراثية، وعادت مجرد وعاء يحوي إنسانًا كاملًا له خواصه وصفاته ... وأيضًا من المشكلات التي يمكن تصورها، والتي تؤدي إلى اضطراب كبير ما يلي:

- ما يمكن أن يتصور حينما يتجه الزوج إلى أخذ خلية منه لاستنساخه، ليكون المستنسخ ولدًا.. كما تتجه الزوجة إلى أخذ خلية منها واستنساخها ليكون الناتج أو المستنسخ بنتًا.. فما علاقة كل من المستنسخين الولد والبنت بالآخر، هل هما أخوان؟ هل هما بمنزلة زوج وزوجة، بحيث يمكن أن يكون وجودهما امتدادًا للزواج السابق للأصليين؟ هذا ما لا يتأتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>