للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما مسألة اللقائح المتعددة وإعدامها فالذي يتصور في البين أن هذه اللقائح لا ينطبق عليها أنها أناس، وأن إعدامها غير مشمول لأدلة حرمة القتل، أو أدلة دية الجنين، وأمثال ذلك.

وأما مسألة احتمال تهديم المجتمعات، أو تجريد الإنسان من إنسانيته فهو مسألة لا دليل عليها، بل إن عملية إنقاذ بعض المجتمعات أو بعض العوائل من أمراضها الوراثية وتقوية الصفات الجيدة مطروحة هنا، وكذلك مسألة التنوع الجنيني فإنه أولًا لم يثبت التطابق التام إلى حد ينتفي معه أي تنوع، على أن اختلاف البيئات والعوامل الخارجية لا بد أن تؤدي إلى نوعٍ من الاختلاف.

ونحن نتصور أن عمليات الإجهاض إنما يتحكم فيها القانون والشريعة، تمامًا كما هي الحال في وضعنا الحالي.

ومسألة الرغبة الطبيعية في الأولاد سوف تبقى، لأنها نابعة من عمق الفطرة الإنسانية، ولسنا نتصور الإنسانية آلة صماء لا تحكم إلا ما خطط لها من قبل، دونما رحمة أو عواطف أو دواعي فطرية.

أما احتمال أن يعرف التوأم الصغير مستقبله من خلال حياة التوأم الكبير، فهي قد تكون مشجعة على تلافي الوقوع في المرض من خلال الرصد المبكر لها.

وتبقى المسألة الشرعية للإرث والنظر والعلاقات الاجتماعية، فهي أمور يجب أن يسعى الفقه الإسلامي لبيان موقفه فيها بدلًا من التخلص من التبعة عبر إغلاق الباب من الأساس، وحرمان العلم الإنساني النتائج الباهرة لهذه البحوث.

وأخيرًا تبقى مسألة التطبيق السيء لهذا الكشف والاستغلال السيء له فهذا أمر بيد الإنسان يستطيع أن يتجنبه ويتحاشاه عبر بناء الخلق الاجتماعي الرصين، والروح الإنسانية النزيهة، ولا يمكننا أن نغلق بابًا للخير لأن هناك من يستفيد منه للشر.

وهنا نعود لما ساقه المؤيدون من أدلة، فنراها أدلة قوية محكمة ينبغي التأمل فيها ودراستها، وخصوصًا ما ذكروه من أن العلم للجميع، ولا يمكن حرمان البشرية من نتائجه لمجرد احتمالات وظنون وافتراضات، تقابلها ظنون إيجابية واحتمالات إثباتية مقبولة.

نعم: يجب أن تخلو الأساليب المتبعة مما يخالف الشريعة من الملابسات التي تقترن بشكل طبيعي بمثل هذه الأبحاث.

وأخيرًا:

فلسنا نريد أن نصدر حكمًا قاطعًا بهذا الشأن، بقدر ما نريد أن نؤكد على ضرورة عدم التسرع في الحكم ونقله من صفحات الجرائد إلى معاهد البحث العلمي، وتخليصه من الأجواء الحماسية والعاطفية والغوغائية، ونقله إلى حيث البحث العلمي النزيه.

والله تعالى هو العالم بالصواب

محمد علي التسخيري

<<  <  ج: ص:  >  >>