للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتكاثر الخلية بالانقسام الذي بموجبه ينشق كل شريط من هذه الأجسام طوليًا إلى نصفين يتمم كل منهما نفسه إلى شريط كامل بالتقاط المواد اللازمة من السائل المحيط به، وهكذا تتكون شبكتان صبغيتان تغلف كل منهما نفسها بغلاف نووي لتصبح هناك نواتان تقتسمان السائل الخلوي ويحيط بكل منهما غشاء خلوي وتصبح الخلية خليتين وهكذا أجيالًا بعد أجيال من الخلايا المتماثلة، فالخلية الجلدية مثلًا تنجب أجيالًا من الخلايا الجلدية، وخلية الكبد تعطي أجيالًا من خلايا الكبد ... وهكذا.

أما الخلية الجنسية: فلها خاصيتها التي ليست لغيرها، وذلك فإنها في انقسامها الأخير الذي تتهيأ به للقدرة على الإخصاب، لا ينشطر الشريط الكروموزومي إلى نصفين يكمل كل منهما نفسه، بل تبقى الأجسام الصبغية سليمة، ويذهب نصفها ليكون نواة خلية والنصف الآخر ليكون نواة خلية أخرى، وحينئذ تكون نواة الخلية الجديدة مشتملة على ثلاثة وعشرين من الأجسام الصبغية (لا على ثلاثة وعشرين زوجًا) ، ولهذا يسمى هذا الانقسام بالانقسام الاختزالي، فكأن النواة فيما يختص بالحصيلة الإرثية نصف نواة. (١)

والقصد من ذلك: أنه إذا أخصب منوي ناضج بييضة ناضجة باختراق جدارها السميك تممت نواتاهما إلى نواة واحدة ذات ثلاثة وعشرين زوجًا لا فردًا، أي صارت النواة مشتملة على (٤٦) من الأجسام الصبغية كما هي سائر خلايا جسم الإنسان، فكأن المني مع البييضة نصفان التحما إلى خلية واحدة هي البييضة الملقحة، وهي أول مراحل الجنين.


(١) إن الآيات القرآنية تشير إلى هذه الحقيقة، فقد قال تعالى: {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: ٦] ، وهذا خطاب لكل البشر حيث قال الله تعالى لهم لقد خلقت هذا النوع من البشر وكثر أفراده من نفس واحدة (الزوج، أو آدم أبو البشر) وزوجها الذي هو الأنثى مثلًا، فقد قال الراغب: الزوج يقال: لكل واحد من الفريقين من الذكر والأنثى من الحيوانات المتزاوجة، وقد قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: ٢١] أي خلق لأجلكم من جنسكم قرائن لأن كل واحد من الرجل والمرأة يجهز بجهاز تناسلي يتم فعله بمقارنة الآخر، فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر، ويحصل من المجموع واحد تام له أن يلد وينسل. ولهذا النقص والافتقار يتحرك الواحد منهما إلى الآخر، حتى إذا اتصل به سكن إليه. راجع تفسير الميزان، السيد الطباطبائي: ١٦/ ١٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>