للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ مصطفى الزرقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم.. إخواني الأساتذة الكرام، أريد أن أقدم بمقدمة بسيطة ولكنها لا للاستدلال وإنما للاستئناس ثم أبين رأيي في الموضوع. المقدمة البسيطة هي:

موقف علماء القوانين المالية فيما يتعلق بالديون وخضوعها لضريبة الدخل. وهذا أمر شاع في جميع البلاد اليوم. فهناك عملاء القوانين المالية يميزون بالنسبة للديون وخضوعها أو عدم خضوعها لضريبة الدخل، فيميزون بين ديون موضوعة في الاستثمار أي الديون التي عليها فوائد كالودائع المصرفية التي يضعها أصحابها في البنوك الربوية ويأخذون عليها فوائد أو التي يقرضونها مباشرة إلى الأفراد بطريق المراباة. فهذه الديون باتفاق علماء القانون تخضع للضريبة، ضريبة الدخل. وأما الديون التي لا فوائد عليها، فهذه لا يخضعوها لضريبة الدخل بل يسقط صاحب الدين مبلغ الدين من وارداته وأرباحه التي تؤخذ عليها الضريبة.

هذه أذكرها، يعني قلت للاستئناس. نحن في الإسلام، هذا لا يمكن أن ينظر إليه لأنه لا يوجد عندنا ديون موضوعة للاستثمار لأننا لا نقبل وضع الديون بالفوائد الربوية في المصارف. وأما الأموال التي توضع للاستثمار فهي لا تقبل إسلاميًا أن تكون ديونًا مستثمرة لصاحب الدين وإنما هي مشاركة عندئذ كما يحصل في القراض وكما في وضعنا الآن اليوم، الودائع في البنوك الإسلامية إنما توضع على أساس المشاركة، والبنك الإسلامي إنما هو بمنزلة المضارب، فلذا هذا النظر إنما ذكرته للاستئناس. لكن بالنسبة للموضوع، أرى أن المال إنما ميز فيه الشرع كما هو معلوم بين نوعين، مال نام، ومال غير نام، وأعرف أنه باتفاق الفقهاء لا أعرف خلافًا، إنه إنما يخضع للزكاة المال النامي. وهذا النماء قد يكون بالفعل وبالقوة، النماء بالفعل كالأموال التجارية التي هي المراد بالنماء، والنماء موضوع في طريق التنمية موضوع سواء نما بالفعل أم لا فالتاجر يزكي أمواله التجارية ولو خسر كما هو معلوم لأنه يخسرمرة ويربح مرات الخ، والتجارة طريق اكتساب يعيش عليه البشر أجمعون. ولكن هناك حالة يذكرون أنها يعتبرون المال فيها ناميًا بالقوة وهى حالة المال المكنوز عندئذ الذهب والفضة يقررون أنهما لو كنزا ولو لم يوضعا في طريق الاستثمار يخضعان للزكاة. والحكمة في ذلك معروفة وهذا من روائع الشريعة الإسلامية الكريمة حيث إن إيجاب الزكاة في هذين المالين الأساسيين ولو كانا غير موضوعين بطريق الاستثمار، الزكاة حكمتها أنها تهاجم المال المكنوز لتبعثه من مرقده. طبيعي على فرض أن الرجل سيتقيد بالشريعة ويخرج الزكاة أما العاصي الذي لا يبال فلا شأن لنا به. ونحن نفترض المسلم الملتزم، فإن الزكاة تهاجم الكنز وهذا من أبرز وأوضح حكمتها فلا تترك للإنسان مجالًا ولو أنه مسلم ملتزم أن يدخر ويكتنز وإنما عليه أن يخرج هذا المال فيضعه في طريق نفع عباد الله والاستثمار كما هو معروف. أما ما سوى النقدين فإن التمييز ذاك الأساسي جار على مداه وهو أنه لا يخضع للزكاة إلا المال النامي ولذلك التاجر نفسه إذا أخذ من متجره شيئًا وضعه في بيته للاستعمال لا يدخل حينئذ في حساب الزكاة، وهكذا كما هو معروف لا حاجة للإفاضة فيه. وبناء على هذا التأصيل أستطيع أن أقول إن الدين وهو في ذمة المدين، هذا بالنسبة إلى الدائن فاقعد النماء فهو مال غير مدفوع على سبيل الفائدة كما عند القانونيين، وهو قرض حسن وقد خرج عن ملكية الدائن ولا سلطة بقيت له عليه ما دام في ذمة الآخر، فهو إذن لو فرضنا أنه يملكه وهذا مقرر بأنه يصبح حقًا في الذمة والحقوق الشرعية.

الرئيس:

هو قرض حسن في بعض صوره.

<<  <  ج: ص:  >  >>