الصور المختلفة لبيع الدين
وإن بيع الدين له صور مختلفة تكلم عنها الفقهاء، وهي:
١- بيع الدين بالدين في ذمة مشتريه.
٢- بيع الدين بالدين في ذمة طرف ثالث.
وهذان القسمان قد يعبر عنهما ببيع الكالئ بالكالئ.
٣ - بيع الدين من المديون بالعروض.
٤- بيع الدين من المديون بالنقد.
وهذان القسمان يعبر عنهما ببيع الدين ممن عليه الدين.
٥- بيع الدين من غير المديون بالعروض.
٦- بيع الدين من غير المديون بالنقد.
وهذان القسمان يعبر عنهما ببيع الدين من غير من عليه الدين. فلنتكلم على كل واحدة من هذه الأقسام على حدة.
١ - بيع الكالئ بالكالئ:
أما بيع الدين بالدين الذي يسمى بيع الكالئ بالكالئ، فيمكن أن يعقد منع المديون نفسه، أو مع طرف ثالث. مثال الأول، أن يقول شخص لآخر: اشتريت منك طنًا من القمح بألفي روبية على أن يتم تسليم العوضين بعد شهر مثلًا. فالطن الواحد من القمح دين في ذمة البائع، وألفا روبية دين في ذمة المشتري، ووقع بيع أحد الدينين بالدين الآخر. ومثل أن يبيع زيد طنًا من القمح سلمًا، فإذا حل الأجل عجز عن تسليم القمح على المشتري، فيقول له: بعني هذا القمح الذي هو في ذمتي بثلاثة آلاف روبية أؤديها إليك بعد شهر. فالقمح الذي كان دينًا في ذمة البائع اشتراه البائع بنقد في ذمته.
وقد اتفق جمهور الفقهاء على كون هذا البيع ممنوعًا شرعًا، واستندوا في ذلك على الحديث المعروف: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ)) (١) .
(١) هذا الحديث مروي عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، فيما أخرجه الحاكم في المستدرك: ٢/٦٥، رقم الحديث ٢٣٤٢ / ٢١٣ و ٢ / ٦٦، رقم ٢٣٤٣ / ٢١٤، طبع بيروت ١٤١١هـ؛ والدارقطني في سننه ٣ / ٧١ و ٧٢، رقم ٢٦٩ و ٢٧٠ من كتاب البيوع؛ والبيهقي في سننه الكبرى: ٥ / ٢٩٠، باب ما جاء في النهي عن بيع الدين بالدين؛ وعبد الرزاق في مصنفه ٨: ٩٠ حديث ١٤٤٤٠؛ وابن أبي شيبة في مصنفه: ٦ / ٥٩٨، حديث ٢١٦٩؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار: ٤/ ٢١، طبع مصر؛ والبزار في مسنده؛ كما في كشف الأستار للهيثمي: ٢ / ٩١، رقم ١٢٨٠؛ وابن عدي في الكامل: ٦ / ٢٣٣٥؛ وكذلك روي عن رافع بن خديج، فيما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ٤: ٤١٧ حديث ٤٣٧٥.