للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض عليه بأن هذا الحديث ضعيف من حيث إن جميع طرقه ضعيفة. فإنه مروي عن عبد الله بن عمر ورافع بن خديج، رضي الله عنهما، ومدار كلا الحديثين على موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف عند جمهور المحدثين، وذكر الإمام أحمد بن حنبل أنه لا تحل الرواية عنه، فقيل له: إن شعبة روى عنه، فقال: لو بان لشعبة ما بان لغيره ما روى عنه (١) وليتنبه أن الحاكم والدارقطني رويا هذا الحديث من طريق موسى بن عقبة، بدلاً من موسى بن عبيدة، ولذلك صححه الحاكم على شرط مسلم، ولم يتعقبه الذهبي بشيء (٢) ، ولكن حقق الإمام البيهقي، رحمه الله، في سننه أنه وهم وأن الصحيح أن راويه موسى بن عبيدة، وليس موسى بن عقبة (٣) ؛ وذكر الحافظ ابن حجر، رحمه الله، أن الدارقطني نفسه اعترف في العلل أن موسى بن عبيدة تفرد به (٤) ، فتبين أن ما ذكره الدارقطني في سننه من اسم موسى بن عقبة فإنه وهم.

وبالرغم من ضعف هذا الإسناد، فإنه قد يتأيد بما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه؛ قال: أخبرنا الأسلمي، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ ـ وهو بيع الدين بالدين ـ وعن بيع المجر ـ وهو بيع ما في بطون الإبل ـ (كذا) وعن الشغار)) ، وليس فيه موسى بن عبيدة، بل هو مروي من طريق الأسلمي، وهو إبراهيم ابن أبي يحيى الأسلمي (٥) والكلام فيه معروف، فقد تركه أكثر المحدثين، ولكن أكثر عنه الإمام الشافعي، وقال فيه: " لأن يخر من السماء – أو قال من بعد – أحب إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث ". وكذلك وثقه ابن عقدة، وابن الأصبهاني وابن عدي وإن كان أكثر المحدثين تركوه لبدعته، والجرح مقدم كما قال فيه الذهبي (٦) ، ولكن يحتمل أن يصلح للمتابعة على أساس توثيق الإمام الشافعي وغيره، والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) تهذيب التهذيب: ١٠ / ٣٥٧.
(٢) مستدرك الحاكم مع التخليص: ٢ / ٥٧ طبع دائرة المعارف.
(٣) سنن البيهقي: ٥ / ٢٩٠.
(٤) تلخيص الحبير: ٣ / ٢٦، رقم ١٢٠٥.
(٥) نصب الراية: ٤ / ٤٠.
(٦) ميزان الاعتدال: ١ / ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>