تبين بما تقدم أن الأوراق المالية التي تمثل ديونًا في ذمة مصدرها، مثل السندات والكمبيالات، لا يجوز تداولها إلا بمبلغ مساو لقيمتها الاسمية. ثم هذا التداول بقيمتها الاسمية يمكن أن تكون على طريق البيع عند المالكية وبعض الشافعية بشروط مر ذكرها، ولا يجوز على طريق البيع عند الحنفية والحنابلة.
ولكن يجوز بطريق الحوالة عند الجميع، ومعنى ذلك أن حامل السند أو الكمبيالة يقترض من طرف ثالث مبلغًا يساوي مبلغ السند أو الكمبيالة، ثم يحيل هذا الطرف الثالث إلى مصدر السند أو الكمبيالة. فتجري على هذا التداول أحكام الحوالة.
ولا يخفى أن تداول هذه الأوراق بمبلغ مساو لقيمتها الاسمية لا يؤدي الغرض المطلوب من السوق الثانوية. فهل هناك من طريق يمكن به إنشاء سوق ثانوية للأوراق المالية على الوجه المقبول شرعًا؟ وبعبارة أخرى، هل هناك من بديل لتداول السندات والكمبيالات على الوجه المقبول شرعًا؟ والجواب: نعم، وفيما يلي نذكر هذه البدائل باختصار، والله سبحانه هو الموفق للصواب.
بديل حسم الكمبيالات:
أما حسم الكمبيالات، فيمكن تحصيل غرضه بطرق ثلاثة:
١- إن حسم الكمبيالات يحتاج إليه تاجر يبيع بضاعته بيعًا مؤجلاً، فيريد أن يحصل على مبلغ الثمن (أو ما يقاربه) معجلاً قبل حلول الأجل ليمكن له الوفاء بالتزاماته تجاه التجار الذين اشترى منهم البضاعة المصدرة، أو الصناع الذين صنعوها له، وأكثر ما يحتاج إليه التجار في تصدير بضاعاتهم إلى خارج البلد عن طريق اعتماد مستندي، فيذهبون بالكمبيالات إلى بنك ليحسمه ويؤدي إليهم مبلغ الكمبيالة ناقصًا منه نسبة الحسم.
والطريق المشروع للحصول على هذا الغرض بالوجه الذي لا غبار عليه من الناحية الشرعية أن يعقد التجار المشاركة مع البنك قبل تصديرهم للبضاعة، وبما أن عندهم طلبًا معينًا من خارج البلاد، والسعر معلوم متفق عليه بين الفريقين والتكلفة معلومة، فلا يصعب على البنك الدخول في المشاركة في هذه العملية بخصوصها، لأن الربح المتوقع من العملية شبه المتيقن، فيمكن للبنك أن يعطي العميل المبلغ المطلوب على أساس المشاركة، ويتقاضى نسبة من الربح الحاصل من العملية، فيحصل العميل على السيولة ويتمكن بها الوفاء بالتزاماته التي يتحملها لإعداد البضاعة المصدرة، ويحصل للبنك الربح بنسبة معلومة.