الجواب الثاني: أنه لا محذور في توالي الضمانين، وليس بوصف مستلزم لمفسدة يحرم العقد لأجلها. وأين الشاهد من أصول الشرع لتأثير هذا الوصف؟ وأي حكم علق الشارع فساده على توالي الضمانين؟ وما كان من الأوصاف هكذا فهو طردي لا تأثير له.
وقد قدمنا ذكر الصور التي فيها توالي الضمانين. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جوز المعاوضة عن ثمن المبيع في الذمة ولا فرق بينه وبين دين السلم.
قالوا: وأيضًا فالمبيع إذا تلف قبل التمكن من قبضه كان على البائع أداء الثمن الذي قبضه من المشتري، فإذا كان هذا المشتري قد باعه فعليه أداء الثمن الذي قبضه من المشتري الثاني، فالواجب بضمان هذا غير الواجب بضمان الآخر. فلا محذور في ذلك.
وشاهده: المنافع في الإجارة والثمرة قبل القطع. فإنه قد ثبت بالسنة الصحيحة التي لا معارض لها: وضع الثمن عن المشتري إذا أصابتها جائحة، ومع هذا يجوز التصرف فيها، ولو تلفت لصارت مضمونة عليه بالثمن الذي أخذه، كما هي مضمونة له بالثمن الذي دفعه.
قالوا: وأما قولكم: إن المنع منه إجماع، فكيف يصح دعوى الإجماع مع مخالفة حبر الأمة ابن عباس، وعالم المدينة مالك بن أنس؟
فثبت أنه لا نص في التحريم، ولا إجماع ولا قياس، وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة كما تقدم والواجب عند التنازع: الرد إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم".
٣- أن الأصل في العقود أنها تنعقد بمجرد الإيجاب والقبول – مع توافر الشروط المطلوبة – فإذا انعقد العقد تحققت التزامات الطرفين، ويجب الوفاء بها تنفيذًا لقوه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] .