ينقسم التصرف في الدين إلى تصرف من الدائن، وتصرف من المدين، ثم إن التصرف من الدائن قد يكون مع المدين نفسه أو مع غيره.
١ – تصرف الدائن في دينه، للمدين نفسه أو لغيره:
التصرف في الدين إذا كان بتمليكه للمدين نفسه فإما أن يكون الدين مملوكا للدائن بصورة مستقرة، كبدل القرض وثمن المبيع والمهر بعد الدخول، وإما أن يكون ملكه له غير مستقر كالأجرة قبل استيفاء المنفعة والمهر قبل الدخول.
١ /١ – تصرف المدين في الدين للمدين نفسه فيما ملكه مستقر عليه:
١/١ / ١ – لا خلاف بين الفقهاء في جواز تمليك الدائن للمدين نفسه دينا استقرت ملكيته، لأن ذلك التصرف يقع من المالك فيما استقر ملكه عليه وهو من قبيل الاستبدال (البيع) أو الهبة (الإسقاط) . والدليل على ذلك من السنة قول ابن عمر، رضي الله عنه: كنت أبيع الإبل بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك فقال:((لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شيء)) .
١/ ١ / ٢- ويستثنى من جواز تمليك الدين بعوض (عند جمهور الفقهاء) بدل الصرف ورأس مال السلم، فلا يجوز التصرف فيهما قبل القبض، لأن ذلك يخل بشرط صحتهما وهو القبض قبل الافتراق وإذا باع الذهب الذي في الذمة بفضة اشترط قبضها في المجلس.
١/ ١/ ٢/ ١- وفي تمليك الدين للمدين يجوز عند بعض الفقهاء أن يكون العوض نفسه دينا ويسمى ذلك (تطارح الدينين) وهو إن يبيع دينا له بدين عليه للمدين ولكن شريطة حلول أجل الدينين وبراءة الذمتين، إذ يعتبر حلول الأجلين بمثابة التقابض، ولذا يسمي هؤلاء الفقهاء هذه المعاملة (الصرف في الذمة) . وأما حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ – أي الدين بالدين – فالمراد الدين الواجب بالدين الواجب، أي السلف المؤجل من الطرفين. وههنا دينان ساقطان، وليس في تحريم ذلك نص ولا تترتب في هذا مفسدة بيع الدين بالدين (حيث تبقى الذمة مشغولة مع وجود العقد، والمقصود من العقود القبض فلم يحصل) ، أما هنا فقد حصلت بالبيع براءة كل منهما من دين صاحبه.