للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في المنهاج للنووي وشرحه للمحلي: " ولا يشترط في الأصح القبض للبدل ما لا يوافق في العلة للربا كثوب عن دراهم، كما لو باع ثوبًا بدراهم في الذمة، لا يشترط قبض الثوب في المجلس، والثاني يشترط لأن أحد العوضين دين، فيشترط قبض الآخر في المجلس كرأس مال السلم " (١) .

وأما بيع الدين لغير من عليه الدين ففيه خلاف بين الشافعية على قولين، أحدهما يصح، والآخر لا يصح، مع خلاف في الترجيح لأحدهما، وعلى القول بالصحة؛ قال المحلي: "يشترط عليه قبض العوضين " في المجلس، فلو تفرقا قبل قبض أحدهما بطل البيع كذا في الروضة وأصلها كالتهذيب، وفي المطلب أو مقتضى كلام الكثيرين يخالفه (٢) قال القليوبي معلقًا على ما هو المعتمد في الروضة وأصلها: "وعلم أنه لا فرق بين ما اتفقا في علة الربا وعدمه على المعتمد الذي اقتضاه كلام الشيخين" (٣) ، ولكن النووي في زيادات الروضة قال: " الأظهر الصحة" أي دون الحاجة إلى القبض في المجلس (٤) .

الخلاصة:

فعلم مما سبق أن ما يجري من تلك الدولة من بيع الدين المؤجل لشخص آخر بثمن معجل أقل من الدين لا يجوز أبدًا عند الشافعية، وليس عليه أي قول من أقوال الإمام الشافعي، ولا وجه من وجوه أصحابه، وإنما هو نابع من عدم فهم بعض العبارات المطلقة الواردة في جواز بيع الدين دون الخوض في مرادها وما تتطلبها قواعد المذهب في مسائل الصرف ونحوها.

كما أن ذلك لا يجوز عند أحد من الفقهاء السابقين – حسب علمي – بل هو داخل في ربا النسيئة، ولا يختلف عن سندات الدين التي صدر بحظرها قرارات المجامع الفقهية. هذا والله أعلم.


(١) شرح المنهاج للمحلي: ٢ / ٢١٥.
(٢) شرح المحلي، مع حاشية القليوبي وعميرة: ٢ / ٢١٥؛ ويراجع الروضة: ٣ / ٥١٣.
(٣) شرح المحلي، مع حاشية القليوبي وعميرة: ٢ / ٢١٥؛ ويراجع الروضة: ٣ / ٥١٣.
(٤) الروضة: ٣ / ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>