للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورى المزني في جامعه الكبير أنه لا يجوز. . . . ". (١)

وقال النووي في شرحه: " وهل تجوز الحوالة به بأن يحيل المسلم إليه المسلم بحقه على من له عليه دين قرض، أو إتلاف أو الحوالة عليه بأن يحيل المسلم من عليه قرض دين أو إتلاف على المسلم إليه فيه ثلاثة أوجه:

أصحها: لا، والثانى: نعم، والثالث: لا يجوز عليه، ويجوز به. ..

ثم قال: " فإذا باع بدراهم أو دنانير في الذمة ففي الاستبدال عنها طريقان. ...

أحدهما: القطع بالجواز. ... وأما الأجرة فكالثمن، وأما الصداق وبدل الخلع، فكذلك إن قلنا: إنهما مضمونان ضمان العقد، وإلا فهما كبدل الإتلاف.

ثم قال: " وإن جوزنا الاستبدال فلا فرق بين بدل وبدل، ثم ينظر إن استبدل ما يوافقهما في علة الربا كدنانير عن دراهم اشترط قبض البدل في المجلس، وكذا إن استبدل عن الحنطة المبيعة شعيرًا إن جوزنا ذلك.

وفي اشتراط تعيين البدل عند العقد وجهان:

أحدهما: بشرط، وإلا فهو بيع دين بدين.

وأصحهما: لا يشترط كما لو تصارفا في الذمة، ثم عينا وتقابضا في المجلس.

وإن استبدل ما ليس موافقًا لها في علة الربا كالطعام والثياب عن الدراهم نظر:

إن عين البدل والاستبدال جاز، وفي اشتراط قبضه في المجلس وجهان.

صحح الغزالي وجماعة الاشتراط، وهو ظاهر نصه في المختصر.

وصحح الإمام والبغوي عدمه، قلت: هذا الثاني أصح، وصححه الرافعي في المحرر. وإن لم يعين، بل وصف في الذمة فعلى الوجهين السابقين، وإن جوزناه اشترط التعيين في المجلس وفي اشتراط القبض الوجهان:

ثم قال: وأما دين القرض والإتلاف فيجوز الاستبدال عنه بلا خلاف كما لو كان له في يد غيره مال بغصب، أو رعاية فإنه يجوز بيعه له. . . ولا يجوز استبدال المؤجل عن الحال ويجوز عكسه.

وهذا الذي ذكرناه كله في الاستبدال وهو بيع الدين ممن هو عليه، فأما بيعه لغيره كمن له على رجل مائة فاشترى من آخر عبدًا بتلك المائة، ففي صحته قولان مشهوران: أصحهما: لا يصح لعدم القدرة على التسليم.

والثاني: يصح بشرط القبض في المجلس.

ثم قال: " ولو كان له دين على إنسان ولآخر مثله على ذلك الإنسان فباع أحدهما ما له عليه بما لصاحبه، لم يصح سواء اتفق الجنس أو لا، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ " (٢) .

وهذا الكلام هو ملخص لما ذكره الرافعي في شرح الوجيز (٣) وعليه نصوص الكتب الشافعية (٤) حيث تدل على أنه ليس هناك خلاف للشافعية في عدم جواز بيع الدين بالدين، وأن قواعد الصرف تنسحب على كل التعامل الذي يجري بالدين حيث يشترط فيه التماثل والتقابض في المجلس إذا كانا من جنس ربوي واحد، والتقابض في المجلس إذا كان من جنسين ربويين مختلفين، أما إذا كانا من غير ذلك فتطبق عليه القواعد العامة في البيع، بأن كان الدين دراهم ودنانير (النقود) والمستبدل عنه طعامًا، أو غيره من القيميات، أو المثليات (ما عدا النقود) فيجوز البيع زيادة ونقصانًا ودون الحاجة إلى القبض في المجلس.

وأما إذا كان الدين غير النقود بأن باع بغيرها في الذمة مثل أن باع جمله بسيارة موصوفة في الذمة فيجوز الاستبدال عنها بأي شيء آخر على أحد الوجوه. (٥)


(١) المهذب مع شرحه المجموع: ٩ / ٣٧٢.
(٢) المجموع: ٩ / ٢٧٣ – ٢٧٥.
(٣) فتح العزيز: ٨ / ٤٣١ – ٤٣٩.
(٤) روضة الطالبين: ٣ / ٥١٢؛ والمنهاج مع شرحه للعلامة المحلي، وحاشيتي القليوبي وعميرة، ط. عيسى الحلبي بالقاهرة: ٢ /٢١٤
(٥) فتح العزيز: ٨ / ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>