للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الإمام أبا إسحاق الشاطبي رحمه الله في كتابه الإبداعي، " الموافقات في أصول الشريعة " قد بسط القول في قسم المقاصد من كتابه هذا تحت عنوان (قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام) حول أساسين في فهم قصد الشارع، لا تجوز الغفلة عنهما، وهما:

أولاً – أن هذه الشريعة الإسلامية المباركة عربية، وأن القرآن الحكيم عربي".

ثانيًا – أن هذه " الشريعة المباركة أمية، لأن أهلها كذلك ".

أما الأول فلقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢] وقد تكرر هذا الإعلام في آيات أخرى. وأما الثاني فلقوله تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢] وقد تكرر أيضًا هذا في آيات أخرى. وجاء في صحاح الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((بعثت إلى أمة أمية)) وقوله: ((نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب)) : الشهر هكذا وهكذا ... " وقد فسر الشاطبي الأمي بأنه " منسوب إلى الأم "، وهو الباقي على أصل ولادة الأم لم يتعلم كتابا ولا غيره " فهو على أصل خلقته التي ولد عليها " وفسر الأمة الأمية بأنهم: " ليس لهم معرفة بعلوم الأقدمين "، وقد يبدو لأول وهلة أن كون القرآن عربيا، والحديث النبوي عربيا، هو من البديهات التي لا تحتاج إلى بسط وإيضاح وشواهد وأمثلة وتنبيهات في فصول كتاب، كما فعل الشاطبي رحمه الله في موافقاته.

ولكن الذي يرى النتائج التي بينها الشاطبي رحمه الله بناء على هذين الأصلين الأساسيين في فهم الشريعة وتنزيل نصوصها في الكتاب والسنة النبوية على منازلها الصحيحة يدرك عندئذ أن قضية هذين الأساسين ليست من البساطة والبداهة كما يتراءى لأول وهلة. (ر: الموافقات ٢ /٦٤– ١٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>