للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د – ولأن حديث ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ضعيف لا تقوم به حجة كما ذكر علماء الحديث. قال الحافظ ابن حجر: " فيه عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف. وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب " (١) . وحتى لو ثبت، فمعنى لا يصرفه إلى غيره: أي لا يصرفه إلى سلم آخر ببدل مؤجل، أو لا يبعه بثمن مؤجل، وذلك خارج عن محل النزاع. قال ابن القيم: " فثبت أنه لا نص في التحريم ولا إجماع ولا قياس، وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة (٢) .

* واستدلوا على عدم جواز الاعتياض عنه ببدل يساوي أكثر من قيمته (٣) :

أ – أن يتهم في الأكثر بسلف جر نفعًا.

ب- ولأن دين السلم مضمون على البائع، ولم ينتقل إلى ضمان المشتري، فلو باعه المشتري من المسلم إليه بزيادة، فيكون رب السلم قد ربح فيما لم يضمن، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ما لم يضمن.

١٤- غير أن المالكية اشترطوا لصحة جواز بيعه من المسلم إليه ببدل حال ثلاثة شروط بينها الخرشي بقوله: " يجوز للمسلم إليه أن يقضي دين السلم من غير جنس المسلم فيه، سواء حل الأجل أم لا، بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون المسلم فيه مما يباع قبل قبضه (وهو ما سوى الطعام) كما لو أسلم ثوبًا في حيوان، فأخذ عن ذلك الحيوان دراهم، إذ يجوز بيع الحيوان قبل قبضه.

الثاني: أن يكون المأخوذ مما يباع بالمسلم فيه يدًا بيد، كما لو أسلم دراهم في ثوب مثلاً، فأخذ عنه طشت نحاس، إذ يجوز بيع الطشت بالثواب يدا بيد.

الثالث: أن يكون المأخوذ مما يجوز أن يسلم فيه رأس المال، كما لو أسلم دراهم في حيوان، فأخذ عن ذلك الحيوان ثوبًا، فإن ذلك جائز، إذ يجوز أن يسلم الدراهم في الثوب" (٤) .

١٥- وعندي أن مذهب المجيزين بشرط أن يكون البيع بثمن المثل أو دونه لا أكثر منه أولى بالاعتبار والترجيح لقوة مسندهم ونصاعة برهانهم، وسلامته من الإيراد عليه.


(١) التلخيص الحبير: ٣ / ٢٥.
(٢) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم: ٥ / ١١٧.
(٣) القوانين الفقهية، ص ٢٩٦.
(٤) شرح الخرشي: ٥ / ٢٢٧؛ وانظر القوانين الفقهية، ص ٢٧٤؛ عقد الجواهر الثمينة: ٢ /٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>