للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشد غرابة من هذا رأي من يقول – وكل هذا قد سمعناه – أن الحل لهذه المشكلة هو أن يحرم من يريد القدوم بالطائرة من بيته قبل ركوبها. فماذا يقول هؤلاء إذا كان قاصد الحج أو العمرة من أهل موسكو أو سيبيريا قادما في الشتاء حيث درجة الحرارة خمسون تحت الصفر بمقياس سنتيغراد؟

هذا ما يبدو لي أنه الوجه الصحيح في هذه القضية واستنباط الحل والحكم الشرعي الذي يناسبها، بعد إعمال الفكر منذ سنوات في ملابساتها، وإنعام النظر في الأدلة، والاستئناس بالدلائل، فقد كثر السؤال عنها، وكلما تقدم الزمن سنة ألحت الحاجة إلى البيان الشافي فيها بصورة مدروسة بصيرة، لا تسرع فيها ولا ابتسار، يُنظر فيها إلى هذه القضية من مختلف الزوايا لا من زاوية واحدة. وما يدرينا لعل سنوات قادمة غير بعيدة تصبح فيها الطائرة من الوسائل العتيقة البطيئة، ويحل محلها الصاروخ الذي يطوي المسافات الزمانية والمكانية الطويلة والبعيدة، فيختزلها في دقائق معدودات، كما يتنبأ به كثير من رجال العلم والفكر. وأن ما شهدناه في هذا العصر من عجيب الإنجازات، التي كلما تحقق منها شيء لم يكن ليصدق لو رؤي في المنام، فتح تحققه طريقا لما هو أعجب منه.

وهذا الحل الذي ارتأيته بالدليل الذي رأيته - وأرجو أن يكون صوابا _ هو صالح لأن يتمشى مع مختلف الوسائل المبتكرة في النقل والأسفار مهما تطورت. فإن كان صوابا فمن فضل الله تعالى، وإن كان خطأ فمن قصور فكري وعلمي. والله سبحانه أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مصطفى أحمد الزرقاء

كلية الشريعة – الجامعة الأردنية

<<  <  ج: ص:  >  >>