بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد؛
فأشكر للإخوة الباحثين جهودهم على هذه البحوث القيمة، وإذا كان لنا من مداخلة فهى كالتالي:
يرى فضيلة الشيخ محمد تقي العثماني وكذلك الدكتور محمد على القري أنه يجوز على مذهب المالكية بيع الكمبيالة والسلم إذا بيع كل منهما بقيمة مساوية.
والذى يظهر لي أنه لا يصح تخريجه على مذهب المالكية. وما ذكره فضيلة الشيخ تقي العثماني عن المالكية هو من بيع المطلق أي في الصرف، بدليل تجويزهم بيع الدين لغير المدين، لأن الصرف لا ينجم عنه الدين وما نقله عن الدسوقي حاشيته هو في الصرف لا في الدين، مثل أن يقول الإنسان: عليَّ ألف دولار فأشتريها منه بثلاثة وسبعمائة ريال أسلمها له في مجلس العقد. لا أنه بيع الدين لغير من هو عليه. ... ورتب على الجواز بيع الكمبيالة والسند إذا كانا بثمن مساو. وهذا كلام الزرقاني الذي نقله فضيلته في الشرط الخامس:(أن لا يباع دين الذهب بالفضة أو بالعكس لكونه صرفا وانعدم فيه التقابض) ، وخلص فضيلته إلى جواز بيع السند والكمبيالة بالنقد المساوي للقيمة الاسمية.
والذي يظهر لي أن بيع الكمبيالة بالنقود لا يجوز، لا حسمًا ولا مساويًّا لأنها ليست نقودًا فهو عقد صرف تم فيه التساوي والتقابض في المجلس، وإنما هي وثيقة لدين غائب متضمنة استحقاق مقدار من النقود وهذا لا يجوز، لأن المبيع الذي تمثله هذه الورقة نقود غائبة بيعت بنقود حالة، وبشرط بيع النقود التساوي والتقابض، وإن تحقق التساوي، وهو بعيد؛ فلن يتحقق التقابض. ولا يعتبر قبض الكمبيالة قبضًا لما فيها، وتختلف عن الشيك هو يمثل المبلغ المدون به ويمكن قبضه في الحال بخلافها. أما أن يشترى بها عروضًا فهذا جائز، وأما السند فإن كان يمثل نقودًا فحكمه مثل ما ذكرنا في الكمبيالة، وأما إن كان يمثل عروضًا أو الغالب فيه العروض فلا مانع من بيعه بعروض أو نقود مع التساوي أو التفاضل مع شرط قبض أحد العوضين للخروج من بيع الدين بالدين.
وذكر فضيلة الشيخ العثماني في النوع الرابع وهو أسلوب القبض الذي ألقاه في بحثه فهو أسلوب لا غبار عليه.
وما ذكره بخصوص صندوق تمويل الحكومة يظهر لي أن أسلوبه يؤدي إلى الربا وهو بيع النقد بالنقد متفاضلاً.
وما ذكره في خلاصة حكم الكمبيالة وقال: إنه بيع لنقد حال بنقد مؤجل أقل منه وهو في معنى الربا. وأقول: هو بذاته عينه وليس هو بمعنى الربا.