وما ذكره الدكتور محمد علي القري من أن النهي عن بيع الصفات واقع على البيع ثان. لا أرى فيما نقله عن غيره ما يغير من الحقيقة بل فيه منع الجميع من بيع الصفات، وحمله حديث أبي هريرة على هذا لا وجه له، لأنه كيف يكون ربا وغررًا إذا باع البائع الثاني – كما قرر سعادته – ولا يكون ربًا ولا غررًا إذا باعها من وهبت له؟
قال الدكتور القري: قال جمهور الفقهاء بجواز بيع صاحبنا الأول لها. نقول له: من هم هؤلاء الجمهور؟ وأين المراجع عنهم؟! وهذا كلام ابن رجب في القاعدة الثانية والخمسين: إن كان الدين نقدًا وبيع بنقد لم يجز بلا خلاف لأنه صرف بنسيئة فلم يستفِ البائع الأول ابن رجب لم يستفِ البائع الأول من البائع الثاني، وقال: وإن بيع بيعهم وقبض في المجلس ففيه روايتان، قال أحد في بيع الصفات هو غرر، ونقله. . . أنه كرهه، وقال. . وهذا يدل على. . . أقول: الكمبيالة التي يراد أن تقاس على الصفات ليست نقودًا ولا عروضًا وإنما هي وثيقة بدين.
ويقول الشيخ العثماني: إن حسم الكمبيالة ليس بيعًا في الحقيقة وإنما هو إقرار حوالة. الذي يظهر لي أنه بيع في أقل من الثمن وهو على كل سواء كان بيعًا أو قرضًا ربا ولا خلاف.
يقول أيضًا: البديل لحسم الكمبيالة أن يدفع المبلغ على أساس المشاركة. أقول: هذا لا يتأتى، لأن الكمبيالة توثيق دين على شخص حقيقي ولا تمثل أسهمًا حتى يحل المشتري محل صاحب الأسهم، ولأنه في الشركات يحتاج أن يدفع كل من الشريكين نصيبه في رأس المال وطالب الكمبيالة يريد أن يقبض لا أن يدفع. وقال: الطريق الثاني أن يبيع البنك لحامل الكمبيالة بضاعة حقيقية. أقول: هذه الطريقة جائزة إذا توفرت لدى البنك بضائع، لكن أرى أن يضاف إليها (بشرط ألا يحدث بيعها على البنك إلا بتوفر الشروط الشرعية.
وقال الشيخ العثماني في الطريق الثالث وقسمه إلى حالتين:
الأولى: أن يوكل حامل الكمبيالة البنك بتحصيلها عند نضجها ويعطيه أجرًا مقابل هذه الخدمة.
أقول: هذه الطريقة إن كان تسلم مالكها لها بعد قبض المؤجل لها فهذا لا بأس به، إن شاء الله، لكنه لا يحقق المراد لحامل الكمبيالة الذي هو مستعجل على قبض الدين، وإذا اتضح نضج الكمبيالة فلا حاجة له في البنك ولا حاجة له، كأن يدفع أجرة على تحصيلها لأنه يمكن تحصيلها بنفسه عند حلول أجلها.
أما المعاملة الثانية: وهي أن البنك يقرض العميل ناقصًا من أجرة وكالة قرضًا بدون فائدة، فهذا تحايل على الربا باسم التجارة وما هو إلا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: دراهم بدراهم بينهما سلعة، يقول الدكتور سامي حمود: ويتفق الفقه المالكي من ناحية عدم حصر المضاربة في النطاق التجاري بمعناه الضيق. لكن الذي نعرفه عن الفقه المالكي أنه بين مذهب الحنابلة من طرف وبين مذهبي الحنفية والشافعية من طرف آخر، فالمذهبان الأخيران لا يجيزان المضاربة إلا في التجارة، أما المذهب المالكي فيجيزها في التجارة والزراعة، ولا يجيزها في غير ذلك؛ كالصناعة. أما المذهب الحنبلي – فكما ذكر سعادته – يجيزها في جميع المجالات، وكنا نتمنى من سعادته أن يدلنا على مرجع للمالكية فيما ذكره.