تكلم سعادته أيضًا عن سندات القراض ولم يبين المضارب، أهو حكومة أم هو هيئة مالكة للسندات؟ فإن كان المضارب هو هيئة مالكة للسندات فهي شركة ومضاربة في آنٍ واحد ولا مانع منه. ويرتئي سعادته أن تدخل سندات القراض في شركة مساهمة، لكنه لم يشرح هذه الطريقة المقترحة، فالشركاء في الشركات المساهمة هم أصحاب رأس المال، وإذا طرحت الشركة المساهمة هم أصحاب رأس المال، وإذا طرحت الشركة المساهمة سندات قراض، فهل تجعلها مستقلة عن رأس مال الشركة وتستثمرها في وقتها، وحينئذ تكون الشركة المساهمة ضامنة للمضارب؟ إذا كان كذلك فلا بأس، أما أن تخلطها بأموال الشركة فلا، لأنه حينئذ يصعب فرزها ولأنه ليس للمضارب أن يخلط أموال المضاربة بماله إلا أن ينص عليه رب المال في شركة ثنائية، فكيف يكون ذلك في شركة مساهمة عامة أصحابها لا يعرف بعضهم بعضًا؟
وتكلم سعادته عن سندات المشاركة وجعلها قسمين، القسم الأول مشاركة مستمرة، وهذا النوع لا أرى فارقًا بينه وبين الشركات المساهمة المعروفة، فالسندات المقترحة وتداولها مثل الأسهم وتداولها. والقسم الثاني المشاركة على أساس التناقص المتدرج، وضرب لنا مثالاً بالمساهمة في بناء الوقف. فإذا حقق الوقف دخلاً صافيًّا بنسبة (٣٥ %) من الدخل مثلاً يكتب ربحًا والباقي وقدره (٦٥ %) يعتبر تسديدًا لرأس المال، وإذا فرضنا أن ما يحصل عليه صاحب السند فيأخذ واحدًا وعشرين دينارًا، منها سبعة دنانير كإيراد وأربعة عشر دينارًا كتسديد من رأس المال، وهكذا إلى أن تنتهي السندات جميعًا حيث يعود المبنى الوقفي بكامله ملكًا للوقف.
الواقع أن هذه الطريقة التي طرحها سعادة الدكتور سامي هي ما يسميه أهل القانون (استهلاك الأسهم) ، والذي أراه بالنسبة لما ذكره أنه لا يجوز شرعًا لأن استهلاك السندات بجزء من الربح هو في الواقع استهلاك صوري لها، وذلك لأن الذي يأخذه المشاركون في مقابل سنداتهم أو في مقابل أجزاء منها هو حقهم في الربح وليس شيئًا آخر، لأنه يجب أن يكون السند أو السهم أو الصحة باقيًّا على ملك صاحبه وليس هناك طريقة شرعية لاعتباره مبيعًا أو مسقطًا، فيجب أن تبقى لأصحابها إلى أن تصفى الشركة، وكل ما يأخذه الشركاء من الربح فهو حقهم سواء أخذوه في صور ربح أو في صور ثمن للأجزاء التي جرى استهلاكها.
وفي معرض تعليق الدكتور سامي حمود على تنضيض الحكم الذي جاء في فتاوى ندوة البركة، والذي مفاده أن لتنضيض الحكم حكم التنضيض الفعلي، وتضمن تعليق سعادة الدكتور القري، وتضمنت أن المعايير المحاسبية لا تقتصر على تقويم العروض والأصول الحقيقية بل يتوصل من خلالها لتقويم الديون بناءً على سعر الرسم المحتمل في المعاملة الربوية، ثم خلص إلى أنه أصبح التنضيض الحكمي وسيلة تؤدي إلى بيع الدين بطريقة لا تختلف عن رسم الكمبيالات، أي بيع الدين النقدي إلى غير من هو عليه قبل أجله بقيمة نقدية تقل عن قيمة دين هذا النوع.
هذه هي النتيجة التي توصل إليها سعادة الدكتور القري، وهو استنتاج طيب، جزاه الله خيرًا.
في بحث الدكتور القري عند ذكر البدائل الشرعية لبيع الدين وقياسه على بيع الدين ومنه، الكمبيالات والسندات على غير المدين كما استشهد لكلامه بما نقله عن فضيلة الشيخ الصديق الضرير وهو قوله: إذا بيع الدين قبل أجله بسلعة أو منافع معينة كان ذلك جائزًا. . ثم أتم كلام الضرير وهو قوله: كما لو كان لرجل على آخر دين فباعه لثالث بسيارة يسلمها له بعد شهر مثلاً فإن هذا البيع جائز.