أقول: يظهر لي عدم جواز هذا البيع الذي صوره في هذا المثال، لأن بيع الدين بالدين مجمع على تحريمه، ومن ناحية أخرى فإن هذا المثال يخالف ما أرسل له، فالكلام الذي قبله (إذا بيع بسلعة أو منافع معينة) هو قول يفهم منه أنها مقبوضة حتى يتحقق القبض في أحد العوضين.
يقول الدكتور القري: ومن المعلوم أن الأسهم تعد في ظل الفتاوى المعاصرة من الأصول الحقيقية كالعروض.
والذي يظهر لي أن هذا القول يحتاج إلى تقييد فليست كل الأسهم مشتملة على عروض. فالأسهم المصرفية التي يتحول غالبها إلى نقود، والأسهم النقدية قبل أن تمارس الشركة أعمالها وقبل أن تتحول موجوداتها إلى عروض، كل هذا لا يجوز بيعه بنقود إلا بشرط التساوي والتقابض.
وقال الدكتور القري: بإمكان الحكومة إلزام فئات من الناس كالأغنياء وبعض الشركات للاكتتاب بها واقتنائها لفترة محددة.
والواقع أن من شروط عقدي البيع والشركة الرضا، فبإجبار الناس لا يصلح العقد، وكذلك من أين جاء للحكومة إلزام الناس أن يقروضها؟ ! وتقول: (تقترض الحكومة ثم تسدد بفرض الضرائب) ، فوقعنا في أمرين أحلاهما مر: إلزام بقرض وضرائب.
وقال الدكتور عبد اللطيف محمود آل محمود: " وإن كان تمليك الدائن دينه المستقر لغير المدين بيعًا بين غير الربويات بثمن مؤجل كأن يكون لشخص على آخر مائة صاع من قمح مثلاً، فيبيعها على ثالث بمائتي ريال مؤجلة إلى شهر فقد اختلف الفقهاء فيها على قولين:
الأول: ذهب جمهور العلماء إلى فساد هذا البيع، لأنه من بيع الدين بالدين.
الثاني: يجوز هذا البيع، وهو رأي بعض العلماء المعاصرين قياسًا على الحوالة، وفيه تحقيق مصلحة للطرفين وليس هناك ضرر يلحق بالمدين.
أقول: نقل فضيلة الدكتور يحتاج إلى نظر؛
أولاً: أنه لم يذكر لنا هؤلاء الجمهور، ولم يذكر أصحاب القول الثاني والذين وصفهم بالعلماء المعاصرين، وقد أحال على بعضهم لا نعرفهم، هكذا فقط.
والذي أود التنبيه عليه أن الصورة المذكورة هي محل اهتمام بعدم جوازها، وليس قولاً للفرد ولا للجمهور لأن هذه صورة بيع الكالئ بالكالئ.
ثانيًا: رأي معاصر أو متقدم يقال بالإجماع وما دامت المسألة بهذه الصورة بالإجماع لا عبرة بالقياس ولا للمصلحة الموهومة.
وقد اطلعت على البحث القيم لفضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي وما تضمنه، لبيان الأسلوب الذي يسير عليه البنك الإسلامي في ماليزيا واحتجاجه على حسم الكمبيالة دين المرابحة بتخريجها على مذهب الشافعية، فقد سررت بالإجابة السديدة التي عرضها سعادة الدكتور علي والرد الشافي على هذا الزعم.
وفق الله الجميع لما فيه الخير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد.