كثير مما كنت أريد أن أقوله قد سبقت إليه، ولكنني أريد أن أروي ما تم بشأن سندات الدين لتلك الدولة التي تمت الإشارة إليها أكثر من مرة، فقد تنادت بعض المجموعات المصرفية الإسلامية ومنها مجموعة البركة إلى مخاطبة تلك الجهات ومراجعتها في الأمر أكثر من مرة، ولكن كان الجواب التسويف والإرجاء، بل أكثر من ذلك أن هذه التجربة التي هي تجربة غير مؤصلة شرعًا فكر أصحابها في ترويجها وتسويقها، فسوقوها إلى دول مجاورة وجاؤوا إلى بعض دول الخليج ليعرضوا هذه التجربة المريرة في العمل المصرفي الإسلامي.
وفي لقاء تم كان فيه الشيخ تقي والشيخ القرضاوي ومحدثكم وحينما سئلوا عن مستندهم، وكل هذه النصوص كانت مبتورة، لأنها لم تراع فيها القيود والضوابط. وكان من جملة هذه النصوص ما جاء في كتاب أستاذنا الدكتور وهبة الزحيلي في موسوعته المعروفة لأنه أشار إلى هذه المسألة ولكنه قدم القيد والضابط في أول الباب فأخذوا هذه الصفحة وقالوا: أخذنا من هذا الكتاب.
والحقيقة أنني اطلعت على عبارة لابن نجيم الفقيه الحنفي المعروف ينقلها عن ابن الغس، وهي تبين أصلين أساسيين في البحث الفقهي وكنت سأذكر هذين الأصلين من الذاكرة ولكن بسبب تأجيل دوري استطعت أن أحضر هذا النص. يقول ابن الغس:"إن فهم المسائل الفقهية على وجه التحقيق يحتاج إلى معرفة أصلين:
أحدهما: أن إطلاق الفقهاء في الغالب مقيد بقيود يعرفها صاحب الفهم المستقيم الممارس للأصول والفروع، وإنما يسكتون عنها اعتمادًا على صحة فهم الطالب الحاذق، أو اعتمادًا على ما سبق بيانه في مواطن أخرى.
الأصل الثاني: أن المسائل الاجتهادية المعقولة المعنى – غير التعبدية – لا تعرف الحكم فيها على الوجه التام إلا بمعرفة وجه الحكم الذي بني عليه وتفرع عنه، وإلا فتشتبه المسائل على الطالب ويحار ذهنه فيها لعدم معرفة الوجه والمبنى، ومن أهمل ما ذكرناه وقع في الخطأ والغلط ".
وبهذا يتبين أن هذا التصرف الذي وقع فيه هؤلاء كل من هذين الجانبين أولاً من عدم مراعاة القيود والضوابط الشرعية العامة، والثاني أنه لم ينظر نظرة منهجية في وجه التحريم والتحليل. فإذا كان التحليل سيؤدي إلى الربا فمعنى هذا أنه يعود على أساسه بالنقض، وهذه أمور عند ابن الغس: معقولة المعنى، إذن يجب أن تربط بمقاصد الشريعة وبأسرار التشريع حتى لا يحصل فيها زلل.