للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حبيب: الاستطاعة هي الزاد والراحلة، وعلى العموم من قدر على المشي وجبت عليه وإن عدم الركوب، وكذلك الأعمى إذا وجد قائدا ولم يجد طريقا إلا البحر لم يسقط عنه الحج (خلافا لموقف الشافعي كما رأيناه آنفا) ، إلا أن يكون الخوف أو يعلم أنه يعطل الصلاة بالميد. ولو كان لا يجد موضعا للسجود للضيق إلا ظهر أخيه فلا يركبه، والمعطوب الذي لا يستمسك على الراحلة لا يلزمه أن يجمع عنه غيره من ماله، ويسقط الحج إذا كان في الطريق عدو.

وعلى العموم الحج عن طريق البر والبحر مقبول لدى الفقهاء والمسألة المتعلقة عن الإحرام عن طريق الجو هو الذي لم يقع الاتفاق عليه، فقد قال الإمام مالك عن الإحرام عن طريق الجو أنه من قدر على الحج عن طريق الطيران ونحوه لا يعد مستطيعا، إلا أنه لو قام بذلك أجزأه، ونحن نعلم أن السفر عن طريق الجو كان معدوما في ذلك الحين، أما الآن فهو مصلحة ضرورية ووسيلة ناجحة للسفر، ولو إلى المكان المقصود في أقل وقت ممكن، وبالتالي يمكن إدراج الإحرام عن طريق الطائرة ضمن الاستطاعة إذ إنه قول يحقق الإحرام لمستقلِّ الطائرة عند نزولها في المطار، إذ ما دام المحرم في الطائرة وهي في الجو لا يمكنه معرفة الميقات الزماني والمكاني. وكذلك مستقل الباخرة الإحرام لديه يبدأ من بلوغه الميناء والنزول على مطية الباخرة. علما بأن المواقيت تنقسم إلى قسمين:

- ميقات زماني ومكاني: فالزماني شوال وذو القعدة والعشر الأُوَل من ذي الحجة، فمن أحرم قبل ذلك انعقد وصح على كراهية وفقا لأبي حنيفة، وقيل لا ينعقد وفاقا لداود، وقال الشافعي: يسقط وينقلب حجه إلى عمرة. وعلى الكل هذا قد لا يقع فيه خلاف كثير كما هو للنشأ فيما يخص الميقات المكاني، التي تنقسم إلى خمسة، منقسمة على جهات الحرم وهي، الحليفة لأهل المدينة، وقرن لأهل نجد، والجحفة لأهل الشام ومصر والمغرب، ويلملم لأهل اليمن، وذات عرق لأهل العراق وخرسان والمشرق. ويكره تقديمه عليها ويلزم إن فعل. ويقول الشافعي: الأخيرة أن يحرم من بلده، والأولى لمن مر بذي الحليفة من ميقات الجحفة أن يحرم من ذي الحليفة؛ لأنه ميقات النبي صلى الله عليه وسلم. وأما للمقيم بمكة فيحرم منها، وميقات العمرة من مكان مواقيت الحج إلا لمن كان في الحرم، فعليه أن يخرج إلى الحل ولو إلى أوله، ليجمع بين الحرم والحل كما يجمع بينهما الحاج، والاختيار له أن يحرم بالعمرة من الجعرانة أو التنعيم. ومن كان منزله أقرب إلى مكة من الميقات، فميقاته من منزله في الحج أو العمرة، ومن مر على ميقات فله ثلاثة أحوال:

<<  <  ج: ص:  >  >>