كذلك يجب أن تتحول السياسات النقدية في الدول الإسلامية من مجرد إجراءات ومحاولات للحد من الانحرافات التي كانت تحدث، إلى سياسات استراتيجية مبنية على خطط وأهداف بعيدة المدى تسعى السلطة النقدية للوصول إليها.
إن من العوامل المسببة للمضاربات المحلية والتشوهات في الاقتصاد تعدد أسعار الصرف المستخدمة في الاقتصاد ووجود فوارق كبيرة بينهما، والمغالات في تحديد سعر الصرف الرسمي، فلا بد من توحيدها ومحاولة تثبيتها في إطار صرف واقعي يعكس حالة الوضع الاقتصادي السائد.
خامسًا: لا بد من دعم وتقوية وإصلاح الجهاز المصرفي وإحكام سبل الرقابة على أنشطته وحمايته من الانحراف. وتطوير وسائل قياس المخاطر، ولا بد من شفافية كاملة في معاملاتها وتوفر المعلومات الحقيقية عن أوضاعها تتاح للجمهور أولاً بأول، فلقد أثبتت الوقائع أن تحرير حركة رؤوس الأموال وفتح الأسواق المالية أمام العالم الخارجي مع وجود ضعف في القطاع المصرفي قد لعب دورًا رئيسيًّا في حدوث وتفاقم الأزمة.
سادسًا: لا بد من التنبُّه الكامل إلى أن العولمة وإن أصبحت حقيقة واقعية لا بد من التعامل معها – كما يحلو للبعض أن يقول – فإنها تحمل في طياتها مخاطر ومحاذير منها:
* فتح الاقتصاد أمام المستثمرين الأجانب والمضاربين مما قد يؤدي في أية لحظة إلى حدوث أزمات مالية تتبعها أزمات نقدية ومصرفية وانهيارات.
* في إطار ونطاق العولمة تنتقل الأزمات وبسرعة من دولة لأخرى خصوصًا إذا كانت تشابه في الخصائص الاقتصادية، وهو أمر حاصل لمعظم اقتصاديات الدول الإسلامية.
* في حالة عدم إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة، تجعل الاقتصاد المحلي قويًّا ومنافسًا ومتنجًا – وهو ما لا يتوقع حصوله في زمن سريع في الدول الإسلامية – فإن النتائج السلبية للعولمة هي التي سوف تسود وتكون أكثر وضوحًا.
ولذلك لا بد من النظر في تحصين الاقتصاديات المحلية قبل أو في الوقت نفسه الذي تتم فيه الهرولة نحو تطبيق مقتضيات العولمة.
سابعًا: على الدولة الإسلامية أن تتبنى صورًا من صور التعاون المالي لإنشاء صندوق طوارئ لإدارة الأزمات حال حدوثها، وذلك منعًا لانهيار أو تأخر نمو أقطار وبلاد يعول عليها كثيرًا في دعم ومساندة اقتصاديات الدول الإسلامية الأخرى؛ لما تمتلكه من تجارب وبنى أساسية قوية وأيدي عاملة مدربة.