ومن الجدير بالملاحظة أن المضاربين حققوا هذه الأرباح في شهر أو اثنين، لذا فإن المعدل السنوي للربح يصل إلى (٥٠ %) أو (١٠٠ %) . . . وفي عالم تكون فيه معدلات الربح السنوي ٨ أو ١٠ %) هي الطبيعية فإن تلك المعدلات السنوية العالية للربح تجذب المغامرين " (١) . ومع ذلك فقد كبدت الكثير من الخسائر مما ألحق الإفلاس بالعديد من البنوك.
٣ - دوافع المضاربة: يعد الدافع الاقتصادي من أقدم الدوافع، ومن أهمها، سواء تمثل في جني المزيد من الأرباح أو تفادي الكثير من الخسائر، واليوم ظهرت دوافع جديدة تشارك الدافع الاقتصادي خاصة بالنسبة للمؤسسات المضاربة العملاقة على المستوى الدولي، فتعزى عمليات مضاربية بالغة الضخامة اليوم إلى دوافع سياسية ودوافع أيديولوجية مارستها دول – وإن من وراء ستار – ضد دول أخرى.
وأيًّا كانت الدوافع، وبفرض أن المضارب لا يصنع الفرصة وإنما يغتنمها فإن عينيه هي عين الصقر في أفق السماء يترصد فرائسه منقضًا على الفريسة السهلة الثمينة، إنه يراقب الأوضاع السياسية والأوضاع الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية مراقبة وثيقة، فإذا ما كانت دلالات هذه الأوضاع إيجابية أقبل على شراء العملة، متوقعًا المزيد من الازدهار، وإن كانت سلبية أقبل على البيع متوقعًا المزيد من الضغوط.
ولنستمع إلى صاحبي (فخ العولمة) يحكيان لنا ما يقوم به المضارب الأمريكي الشهير (ترنت) : "هو يزور أهم أسواق ومناطق العالم نموًّا ما بين خمس وعشر مرات في السنة، ولمدة تتراوح ما بين أسبوع وأسبوعين، وذلك قصد الحصول على معلومات عن كل نواحي الحياة الاقتصادية هناك. ونادرًا ما يوصد باب في وجهه، فرجال الصناعة وممثلوا الحكومات والمصارف المركزية على علم ودراية بالقيمة التي لا تثمن لمثل هذا (المجاهد) من أجل تدفق رأس المال عبر الحدود والقارات. ولا يسعى (ترنت) في أحاديثه للحصول على أرقام أو تنبؤات تقوم على الرياضيات. فحسب ما يقوله، فإن (الإحصائيات متوافرة في أجهزة الكمبيوتر) ، إن المهم هو الجو العام، هو التوترات والصراعات الخفية. ولذا فعليك بالتاريخ دائمًا وأبدًا، فمن درس تاريخ بلد من البلدان دراسة جيدة سيكون بوسعه التنبؤ على نحو أفضل عما سيحدث عند اندلاع الأزمات".
ومعنى ذلك أن هناك ظروفًا وأوضاعًا تعتبر مغرية وجذابة للقيام بعملية المضاربة على العملة، وخاصة فيما يتعلق بالمضارة على الهبوط. ومن المهم الإشارة إلى رؤوس أهم هذه الإغراءات حتى تراقبها الدول الحريصة على تجنب عملاتها أكبر قدر ممكن من المضاربات عليها.