للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى المذهب الحنبلي: يجوز أن يستأجر كحالا ليكحل عينيه، لأنه عمل جائز، ثم إنه إذا كان الكحل من العليل جاز لأن آلات العمل تكون من المستأجر كاللبن في البناء والطين والآجر ونحوها. وإن شارطه على الكحل جاز. وقال القاضي: يحتمل أن لا يجوز، لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة، فلا يصح اشتراطه على العامل كلبن الحائط. ولنا أن العادة جارية به، ويشق على العليل تحصيله، وقد يعجز عنه. فجاز ذلك؛ كالصبغ من الصباغ، واللبن من الرضاع، والحبر والأقلام من الوراق.. . وقال أصحاب مالك: يجوز أن يستأجره ليبني له حائطا والأجر من عنده؛ لأنه اشترط ما تتم به الصنعة التي عقد عليها (١) .

إن هذه النصوص التي قدمناها تدل على أن المذاهب الأربعة متفقة على جواز اشتراط الشيء اليسير من المواد على العامل، وأنه إذا لم يشترط فالرجوع إلى العرف المعمول به في مكان العقد، وبما أن عقد الصيانة قد تبين لي من تتبعها أنها تكاد تتفق في التصور العام وفي البنود الأساسية، فإني لم أجد أي عقد خلا عن بيان ما يلتزم به العامل حتى في الأشياء التافهة. وهذه الطريقة محققة لما تقرر في الفقه الإسلامي.

يقول في بدائع الصنائع: ومن شروط الإجارة بيان العمل في استئجار الصناع والعمال لأن جهالة العمل في الاستئجار على الأعمال جهالة مفضية إلى المنازعة فيفسد العقد حتى لو استأجر عاملا ولم يسمِّ له العمل من القصارة والخياطة والرعي ونحو ذلك لم يجز العقد. وكذا بيان المعمول فيه في الأجير المشترك. إما بالإشارة والتعيين أو ببيان الجنس والنوع والقدر والصفة (٢) .


(١) المغنى: ٨/١٢١
(٢) بدائع الصنائع، ص٢٥٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>