للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجرد الإمكان العقلي لإنشاء هذه المعاملة (الصيانة) على نحو الإجارة أو الصلح لا يغير نظر العرف، والواقع في الخارج من عدم وقوع عقد الصيانة بهذه الصياغة، إذ العقود أمور اعتبارية يتبع حقيقتها الاعتبار الموجود في الخارج وكيفية الإنشاء، وليست لها حقائق منفصلة عن الاعتبار والإنشاء حتى يكون هو الملاك والموضوع. بل لكل عقد حقيقته الاعتبارية التي لابد لتشخصيها من مراجعة العرف وكيفية الإنشاء المتعارف عندهم.

فمجرد التشابه بين عقدين في بعض الأركان لا يجعلهما يحملان عنوانا واحدا. فمثلا عقد النكاح وإن كان هو تمليك البضع وهي منفعة، ولكنها لا تسمى إجارة شرعا ولا عرفا بل هو عقد مستقل له أحكامه الخاصة، وكذلك عقد المزارعة والمساقاة.

ومن هنا علم أن إرجاع هذا العقد إلى الجعالة أو الهبة المعوضة أو الصلح أيضا لا يخلو من تعسف، وذلك لعدم مساعدة العرف وكيفية إنشاء الواقع في الخارج على ذلك.

فالصحيح هو أن عقد الصيانة من العقود المستحدثة التي لها خصوصيات تجعلها متميزة عن العقود الأخرى. فهذا العقد بهذه الصورة ليس بيعا ولا إجارة ولا غيرهما، وإنما هو عقد مستقل له كيانه الخاص وشروطه وآثاره الخاصة به، ولا ينبغي صهره في بوتقة عقد آخر. نعم باعتباره عقدا لابد من توافر أركانه وهي: العاقدان، والمعقود عليه، والإيجاب، والقبول، وكذلك شروطه العامة. ولابد من البحث عن حكمها الشرعي كعقد مستقل مستحدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>