ففي باب البيوع التمويلية، يحرص البائع الممول على تنقية تمويله البيعي من كل ما يدخل فيه أي عامل من عوامل عدم التوقع المستقبلي وعدم الاطمئنان حول المستقبل، وذلك حتى يتمكن من وضع خططه التمويلية وتنفيذها. واحتمال ظهور أي عيب – كان خفيا – في السلعة المبيعة يدخل شيئا من تلك العوامل، وبالتالي فإن مسألة الصيانة تتدخل في بيع المرابحة وفي بيع الاستصناع التمويليين، فيكون من مصلحة البنك الإسلامي (الممول) أن يتأكد أن البائع الأول – في بيع المرابحة – والصانع من الباطن – في بيع الاستصناع – يقدمان الصيانة الكافية لن تكون بديلا مقبولا شرعا عن تحمل مسؤولية رد المبيع ضمانا لعيب خفي فيه.
وإذا لم يكن البنك الإسلامي مطمئنا اطمئنانا كاملا لكفاية شرط الصيانة في مبايعته الأولى في المرابحة التمويلية أو في استصناعه الثاني (من الباطن) في عملية الاستصناع التمويلي، فإنه قد يجد نفسه مضطرا إلى الدخول في عقد تعهد بالصيانة أو عقد تأمين صيانة، حتى يستطيع (تغطية نفسه) تجاه احتمال ظهور عيب يقتضي الإنفاق على إصلاحه، أو رد المبيع وإرباك العملية التمويلية.
ذلك لأن أهم خصائص البنك – إسلاميًّا كان أم تقليديا – هو أنه مدير للمخاطر المتعلقة باستثمار أموال الناس، وإن من المعروف أن القاعدة الأولى في إدارة المخاطر هي الحرص على التخلص من الاحتمالات بتحويلها إلى أمور متيقنة قدر الإمكان. الأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال شرط الصيانة أو من خلال عقد التعهد بالصيانة أو عقد تأمين الصيانة.
ب. الصيانة والإجارة:
يمكن تقسيم الصيانة التي تحتاجها العين المأجورة إلى ثلاثة أنواع:
١.صيانة تشغيلية تشمل ما يتطلبه تشغيل الآلة من تغيير زيوت ومسح وتنظيف أجزاء داخلية، وضبط وتعيير أجهزة الحرارة والبرودة وغيرها.
٢.صيانة دورية معلومة، تشمل تغيير بعض الأجزاء، وتعديل وضبط وتعيير أجهزة ونظم، وغير ذلك، وهي في الغالب فنية تتطلب مهارة خاصة وهذه تكون معلومة مسبقا بمواعيدها ومشمولاتها.
٣.صيانة طارئة، وتشمل ما ينبغي عمله لمواجهة ما يطرأ من أعطال على الآلة. وهذه قد تكون كبيرة ومكلفة، وكثيرا ما تتطلب مهارة فنية خاصة (١) . وقد يكون سبب الاحتياج إليها وجود عيب خفي في الآلة المؤجرة، أو أمر جديد طرأ عليها بسبب خارجي عنها.
(١) د. حسين حامد حسان (المسؤولية عن أعمال الصيانة في إجارة المعدات) ، ورقة غير منشورة