للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان من الممكن القول بأن النوع الأول من الصيانة يقع على عاتق المستأجر باعتبار مشمولاته مرتبطة بتشغيل الآلة نفسها وليس بصلاحيتها للتشغيل ولا بوضعها تحت تصرف المستأجر، وإذا كان النوع الثاني من أعمال الصيانة يمكن أيضا تحميله للمستأجر، إما بالعرف إذا وجد عرف يجعل ذلك على المستأجر، أو بالنص في العقد على أنه يقع على المستأجر، باعتباره جزءا من الأجرة. فتكون الأجرة بذلك مؤلفة من جزأين: جزء نقدي وجزء هو ما يقوم به المستأجر من أعمال صيانة دورية معلومة؛ فإن النوع الثالث من أعمال الصيانة يقع على المؤجر "باعتبارها مما يتمكن به من الانتفاع وليس مما تستوفى به المنافع، أو أنها مما يلزم لأصل الانتفاع لا لكماله (١) .

وهنا أيضا فإن الحكمة والرشد في إدارة المخاطر تقضيان على المؤجر الممول أن يسعى إلى تحويل ما هو غير معروف وغير ممكن التوقع، من التزامات وأعباء، إلى مقادير معلومة متيقنة، بحيث يستطيع تخطيط وبرمجة أعماله المالية بحكمة ورشد. وعملية التحويل إلى المتيقن هذه لا تتمم إلا بعقد تعهد بالصيانة أو تأمين صيانة.

وإذا أراد المؤجر الممول بيع العين المؤجرة لطرف ثالث، مع التزام الأخير بعقد الإجارة لمدته، فإن مقتضى الرشد لدى الطرف الثالث يتطلب منه الانتباه إلى مسألة الصيانة، فهو حريص على أن يخفف المخاطر في استثماره قدر الإمكان. ووجود عقد تعهد بالصيانة، أو تأمين صيانة، عامل أساسي في اعتبار مقدار المخاطرة التي سيقدم عليها المشتري، بصفته مستثمرا جديدا.

ومثل ذلك إذا كان هنالك تفاهم، أو عقد عند من يجيزه من هيئات شرعية لمصارف إسلامية، بين المؤجر والمستأجر على خيار المستأجر بشراء العين المؤجرة بعد نهاية مدة الإجارة، فإن الرشد لدى المستأجر يقتضي أن لا يمارس خيار شراء تلك العين، إلا بعد التأكد من وجود عقد تعهد بالصيانة أو تأمين صيانة، أو أنه سيقوم هو بإجراء أحد عقدي الصيانة هذين، حتى يكون واضحا عنده مقدار ما سيتحمله من أعباء وتكاليف عند شراء الآلة، فيتمكن من تقدير التكاليف والمكاسب التي تنشأ عن خيار الشراء.


(١) د. حسين حامد حسان (المسؤولية عن أعمال الصيانة في إجارة المعدات) ورقة غير منشورة، ص٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>