١٤.وهل يبقى المالك الأول، إذا باع الآلة مطالبا من قبل المالك الثاني بالرد بالعيب، سواء أكان مما تصلحه الصيانة، أم كان مما لا تصلحه؟ هذه المسألة يبدو أنها مما يخضع لشرط الإبراء. فإذا نص عقد البيع بينهما على شرط إبراء المالك الأول من خيار الرد بالعيب ومن إصلاح ما يمكن إصلاحه من عيوب، أو جرى بهذا إبراء عرف يحسم المنازعة، فالذي يظهر أن مثل هذا الشرط أو العرف يمنع المالك الجديد من الرجوع على المالك الأول، ويحصر حقه بالبائع الأول (الصانع) ، لأن خيار الرد بالعيب وخيار الرد بفوات الصفة، كليهما، مما يقبل شرط الإبراء، سواء أكان الإبراء شاملا كل عيب أم محدودا بالعيوب التي يمكن إصلاحها. فيمكن إذن اشتراط إبراء المالك الأول من الالتزام بشرط الصيانة فلا يرجع عليه، ويكتفى بضمان الصانع للصيانة.
وفى الجعالة:
تتحدث الموسوعة الفقهية (١٥/٢٠٨ – ٢٣٩) عن الجهالة في مقدار العمل، وعن تقديم مواد استهلاكية وغيرها معلومة المقدار، وعن استعمال العامل لآلاته وأدواته الخاصة في عمله بقدر ووقت غير معلومين، من أجل الوصول إلى غرض الجعالة. كما تتحدث عن أهمية تحقيق (غرض الجاعل) بكامله دون تبعيض. ولهذا الموضوع ارتباط مباشر بعقد الصيانة وعقد التعهد بالصيانة
١٥.فالجعالة تصح (على عمل مجهول يعسر ضبطه وتعيينه)(ص٢٠٩) ، وهذا هو أهم ما يميز الجعالة عن الإجارة التي يشترط فيها العلم بالعمل. وأهم الأمثلة التي يضربونها لجهالة العمل في الجعالة الإتيان بحيوان ضال أو مال ضائع أو عبد آبق.
فالجعالة تحتمل الجهالة في العمل. والجهالة في مقدار العمل المطلوب في الصيانة قد لا تكون أكثر من الجهالة في مقداره في الجعالة كما وصفها الفقهاء.
ولسائل أن يسأل عن صحة الجعالة لصاحب قطيع من الإبل، أن يجعل مبلغا شهريا لمن يأتيه بما يضل منها، دون أن يخصص جعلا مستقلا كلما شرد منها بعير. أو لصاحب زروع ذات مواسم حصاد متتالية أن يجعل مبلغا معينا واحدا لمن يحصد له كل زروعه كلما آن وقت حصاد واحد منها.
ومثل ذلك من له آلات أن يجعل مبلغا مقطوعا أو شهريا لمن يصلح له ما تعطل منها ... طالما أن الجهالة محتملة في مقدار العمل المطلوب.