للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عوض:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

ما أود أن أقوله في هذه الكلمة وإن كان عندي الكثير من القضايا سبقني إليها بعض المعقبين، لكن هناك بعض النقاط التي أود أن أطرحها:

أولا: عقود الصيانة من العقود الحادثة التي لم يسبق لسلفنا من الفقهاء بحثها، لأنها لم تقع في أزمانهم وهذا ما توصل إليه فقهاؤنا، الشيخ الضرير، الشيخ المختار، الدكتور منذر، الشيخ أنس، والشيخ سامي سويلم، الشيخ التسخيري، والقول بأن عقد الصيانة موجود سابقا على قول بعض المعقبين، لا أساس له، نعم عقد الصيانة مشابه لبعض العقود التي أوردوها من وجوه ويختلف معها في وجوه أخرى، ولذا يبقى البحث وراء تكييف عقد الصيانة أمر ضروري.

ثانيا: هل يدخل في عقود الصيانة النهي الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ((صفقتان في صفقة)) وقد توصل الباحثون إلى عدم دخولها في هذا النهي، وإن كان مسلك كل واحد منهم للوصول إلى هذه النتيجة يختلف عن مسلك الباحث الآخر، فشيخنا الضرير مثلًا يرى أن صفقتين في صفقة أعم من بيعتين في بيعة، لأنه يفصل الصفقة عن العقد، فلا يجوز عقدان في عقد واحد، إلا في عقد الصيانة، والدليل هو إجازة المالكية الجمع بين البيع والإجارة، ونقل في ذلك قول المدونة، أما الشيخ المختار السلامي فلا يرى دخول هذا العقد في النهي لأن البيعتين في بيعة المقصودة بالحديث هو البيع بنقد كذا أو بنسيئة كذا، ولذلك هذا العقد لا يدخل في بيعتين في بيعة أو صفقتين في صفقة، والنتيجة في الآخر بينهما واحدة.

النقطة التي أراها جوهرية هي مسألة الحديث عن الجهالة، ولكن سبقني إليه الشيخ العثماني، ولأن عقد الصيانة يختلف باختلاف أنواع الصيانة، ولأن الصيانات متعددة، فنجد أنفسنا نقف أمام بعض العقود التي تجهل فيه العاقبة أو فيها غرر، فبعض الآلات أو الأجهزة لا يعرف الخلل أو العيب الذي يطرأ عليها بمجرد توقفها، وقد لا يوجد أجهزة فحص دقيقة تبين العيب ويكون الاضطرار إلى فتح الآلة وفك أجزائه، وبعد فكه هل يستطيع الصائن علاجه؟ فتكون الجهالة في تحديد قيمة الصيانة لأنه لا يعرف مقدار العيب ومقدار الزمن الذي يستغرقه لإصلاحه، وعند حله هل يستطيع الصائن القيام بذلك؟ وهل يستطيع الصائن أن يفي بما قدم إليه من قيمة لنفقات الصيانة، أم هي أكثر من ذلك بكثير مما تحتاجه الصيانة؟ فتحصل الجهالة ويحصل النزاع، وإن كان للقاعدة العامة التي ذكرها الأستاذ الضرير، أنه إذا كان هناك غرر فلا يجوز، وأرجو أن تكون هناك أمثلة للتوضيح أكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>