بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أود أن أنقل اعتذار أستاذنا الدكتور أنس الزرقاء عن عدم الحضور وهو الكاتب الرئيسي في البحث لظرف ألمَّ به.
يبدو لي أن هناك عدد من النقاط التي أود أن أؤكد عليها.
النقطة الأولى: إن عقد الصيانة الشاملة المستقل يتضمن الصيانة الدورية، وهي في أساسها عمل، ويتضمن الصيانة الطارئة وهي في حقيقتها ضمان، فهو عقد يتضمن عملا وضمانا، بحيث إن هذا العمل من شأنه أن يدرأ أو يقلل احتمالات وقوع الخطر أو التلف ومن ثم يتحقق الضمان، وهذا العقد بهذه الصفة -فيما نرى- عقد متميز عن العقود الأخرى، وأقرب ما يمكن إلحاقه به من العقود التي وقفنا عليها هو عقد الحراسة مع تضمين الحارس على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فالحراسة عمل، ومن شأن هذا العمل أن يقلل من احتمالات السرقة، ولكن الحارس يضمن إذا وقعت السرقة على هذا القول، والأجر منصب أساسا على العمل والضمان تبعا، والضمان هنا من شأنه أن يحفز الحارس على اليقظة والانتباه وعدم التفريط، وهو بهذا الوجه يختلف عن تضمين الأجير فيما لا يتصل بعمله ولا يمكنه أن يؤثر فيه، فهذا الأخير – أي تضمين الأجير – قد يكون أثره على الحوافز عكسيا، وهذا يتفق مع القاعدة: أن يد الأجير في الأصل يد أمانة.
فالذي نراه أن عقد الصيانة الشامل المستقل هو من جنس عقد الحراسة مع تضمين الحارس وكلاهما من نوع متميز عن سائر العقود الأخرى كما فصلناه في البحث.
النقطة الثانية: أرى من المهم تأكيد الفرق، بين التأمين التجاري وبين الصيانة الشاملة، ففي عقد التأمين نجد أن أحد الطرفين يربح إذا خسر الآخر، ولا بد فإن الحدث المؤمن ضده وقع انتفع المستأمن وإن لم يقع ربح المؤمن، ولكن يتعذر انتفاع الطرفين جميعا، أما في عقد الصيانة الشاملة فإن الصائن يعمل على درء احتمالات التلف أو تقليلها، نعم قد يقع التلف، لكن معدل وقوعه أقل منه في حالة عدم الصيانة، فبدلا من تلف الجهاز ثلاث مرات في السنة مثلا يصبح مرة واحدة، ولذلك ينتفع الطرفان، الصائن بقيمة عمله والمالك بتخفيض تكاليف الإصلاح الإجمالية.