للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاتمة

وخلاصة القول: إن ترك الأمور في مجال الفتوى سائبة – وبالأخص في عصرنا الذي رأينا فيه عجباً – سيخلف في الأمة فوضى لا نهاية لها، وسيتصدى للفتيا من ليس لها بأهل، وسيصعب بسبب ذلك على العامة تمييز الحق من الباطل، والهدى من الضلال، والحلال من الحرام، وإننا لنشاهد اليوم كثيراً من ذوي الجرأة على الله تعالى يقتحمون هذه المفاوز دون بصيرة، ولا هدى فيضلون ويضلون، ودون أن يضعوا أنفسهم في مكانها الصحيح، ويردوا الأمر إلى أهله.

كما لا ينبغي أن توصد الأبواب أمام من هو أهل للقيام بهذه الوظيفة الدينية العظيمة، من أهل العلم والمعرفة والتقوى، ليبصر الناس بأمور دينهم، ويحل معضلاتهم، ويهديهم عند الحيرة، ويأخذ بأيديهم إلى شرائط الأمان، حتى لا يقعوا فريسة الجهل والشبهات التي يروجها أعداء الإسلام، ولا يلجؤوا إلى سلوك الطرق البعيدة عن هدى الله سبحانه، وكلما صدرت الفتوى عن جماعة توافرت في كل منهم شروط الاجتهاد كان ذلك أدعى إلى ندرة احتمال الخطأ، وأضمن لإدراك الحق والصواب، والاهتداء إلى معرفة مراد الله سبحانه فيما يعرض عليهم من قضايا، كما أنه يقلل من ظاهرة الخلاف بين أهل العلم وتباين آرائهم، إذ أن اجتماعهم يتيح لهم فرصة تداول الآراء واستعراض الأدلة وتمحيصها، ومعرفة أقوال من سبقهم من أهل العلم، وعند التجرد للحق، والترفع عن الهوى والتعصب للرأي أو للمذهب، والتحلي بالتقوى والخوف من الله، يصبح المرء خاضعاً للحق، مستسلماً له، عادلاً عن رأيه إيثاراً لغلبة الحق وعلوه، ورغبة في الحرص على الوصول إليه، وهذا كله مما يجعلهم أهلاً لأن يمنحهم الله تعالى مزيداً من التوفيق والسداد، ويلهمهم الصواب، ويجري الحق على ألسنتهم، وينير بصائرهم ....

ولله الحمد في الأولى والآخرة.

عبد الوهاب بن لطف الديلمي

<<  <  ج: ص:  >  >>