للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- لا يجوز للجار اتخاذ الحمام والنحل وأمثالهما مما يؤذي الأبرجة في مسارحها عند الماء وغيره، للحديث المتقدم: ((لا ضرر ولا ضرار)) (١) .

- ولا يجوز اتخاذ مطاحين يؤذي دويها الجيران (٢) .

وقال العز بن عبد السلام (٣) : إذا اجتمعت مصالح ومفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد (أي معاً) فعلنا ذلك، امتثالاً لأمر الله تعالى فيهما في قوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] ، وإن تعذر الدرء والتحصيل، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة، ولا نبالي بفوات المصلحة، قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩] ، ثم ذكر العز (٦٣) مثالاً لأحوال مراعاة الأمرين وترجيح المصلحة الراجحة، منها: الحجر على المفلس مفسدة في حقه، لكنه ثبت تقديماً لمصلحة الغرماء على مفسدة الحجر، وإن شئت قلت: تقديماً لمصلحة غرمائه على مصلحته في الإطلاق، بخلاف الإنفاق عليه وعلى أهله إلى يوم قضاء الدين، فإن مصلحته بالكسوة والإنفاق، ومصلحة من يلزمه، مصلحته مقدمة على مصالح غرمائه. ومثال ما رجحت مفسدته على مصلحته، قطع اليد المتآكلة، حفظاً للروح إذا كان الغالب السلامة بقطعها وأما ما تكافأت فيه المصلحة المفسدة، فقد يتخير فيه، وقد يمتنع.

الضابط السادس – مراعاة فساد الزمان:

أي مراعاة أحوال اختلاف الزمان وفساد الأخلاق، بما لا يتصادم مع أصول الشرع ومبادئه وأحكامه، وهي أحكام القياس والمصلحة المرسلة، حيث يقاس الحادث الجديد على مسألة مختلفة عن مسألة شائعة سابقاً، أو تقتضي المصلحة العمل باتجاه معين مغاير لمقتضى مصلحة كانت تنسجم مع الماضي. وقد ذكرت في قاعدة: "تغير الأحكام بتغير الأزمان " أمثلة هذا الضابط.

الضابط السابع – مراعاة أحوال التطور:

أي تجدد الأوضاع التنظيمية التي تحقق المقصود من الحكم الشرعي الذي قرره الفقهاء في الماضي، كأنظمة السجل العقاري المحقق للقبض والاكتفاء بذكر رقم المحضر في البيع، بدلاً من ذكر حدوده الأربعة. وقد سبق بيان ذلك في قاعدة تغير الأحكام.

الضابط الثامن – التزام ميزان العدالة:

الفتوى والقضاء والتحكيم تعتمد كلها على مبدأ العدالة في فصل المنازعات، وإحقاق الحقوق، وإنصاف المظلوم، وإبطال الباطل، فبالعدل تدوم الدول، وتستقر أوضاع المجتمع. وذلك يتطلب فهم المسألة، والبعد عن الميل إلى أحد الخصمين، وتجنب التوريط بالرشاوى، والهدايا وتقديم الخدمات، ومن تطبيقات ذلك: مراعاة ظروف وأحوال التضخم النقدي بقدر الإمكان في إيفاء الديون والالتزامات والأخذ بفتوى الإمام أبي يوسف في وفاء القرض بسعر النقود يوم القبض السابق.


(١) المعيار المعرب: ٩ / ٤٣.
(٢) المعيار المعرب: ٩ / ٥٩.
(٣) قواعد الأحكام: ١ / ٨٣ – ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>