ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه:((بم تحكم يا معاذ؟)) فقال: بكتاب الله. قال:((فإن لم تجد؟)) قال: فسنة رسول الله. قال:((فإن لم تجد)) ؟ قال: أجتهد رأيي ... فقرره صلى الله عليه وسلم وصوبه، ولم يقل له: فإن قصر عنك اجتهادك فماذا تصنع؟ فكان ذلك نصاً على أن الوقائع تشملها القواعد التي ذكرها معاذ.
هذا: وإن قواعد الشريعة متقابلة بين النفي والإثبات، والأمر والنهي، والإطلاق والحجر، والإباحة والحظر، ولا يتقابل قط أصلان إلا ويتطرق الضبط إلى أحدهما، وتنتفي النهاية عن مقابله ومناقضه (١) .
(كل نازلة مستأنفة في نفسها) :
قال الشاطبي (٧٩٠ هـ) : "إن كل نازلة مستأنفة في نفسها لم يتقدم لها نظير: وإن تقدم لها في نفس الأمر فلم يتقدم لها فلابد من النظر فيها بالاجتهاد ".
-وكذلك إن فرضنا أن تقدم لنا مثلها فلابد في كونها مثلها أولاً، وهو نظر اجتهاد أيضاً، وكذلك القول فيما فيه حكم من أروش الجنايات، وقيم المتلفات.