للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتخريج وفق هذا التعريف يلحق بالقياس ... الذي يتضمن نقل مثل حكم مسألة جزئية إلى أخرى لوجود شبه بينهما، ويمكن الجمع بين هذه التعريفات بالقول:

وهو العلم الذي يتوصل به إلى التعرف على آراء الأئمة في المسائل الفرعية التي لم يرد عنهم فيها نص، بإلحاقها بما يشبهها في الحكم عند اتفاقهما في علة ذلك الحكم عند المخرج (١) .

أو بإدخالها في عمومات نصوصه أو مفاهيمها، أو أخذها عن أفعاله أو تقريراته، بالطرق المعتد بها عنده، وشروط ذلك ودرجات هذه الأحكام.

وقد يكون التخريج – وهذا هو غالب استعمال الفقهاء – بمعنى الاستنباط المقيد، أي بيان رأي الإمام في المسائل الجزئية التي لم يرد فيها عنه نص – وذلك عن طريق إلحاقها بما يشبهها من المسائل المروية عنه، أو بإدخالها تحت قاعدة من قواعدها ....

والتخريج بهذا المعنى هو ما تكلم عنه الفقهاء والأصوليون في مباحث الاجتهاد.

وقد يطلقون التخريج بمعنى (التعليل) ، أو توجيه الآراء المنقولة عن الأئمة وبيان مآخذهم فيها عن طريق استخراج واستنباط العلة وإضافة الحكم إليها بحسب اجتهاد المخرج، ومن هذا القبيل ما يسمى (بتخريج المناط) (٢) .

وبالجملة فالتخريج بأن لا يكون المفتى به منصوصاً لأصحاب المذهب لكن المفتي أخرجه من أصوله (صاحب المذهب) .

هذا ... وإن التخريج هو ملجأ الفقهاء – بعد الأئمة الأربعة وكبار تلاميذهم – في تحصيل الظن بآراء أئمة المذاهب التي يقلدونها، سواء كان ذلك بتحديد القواعد التي بنيت عليها الأحكام ... أو بالتعرف على أحكام الجزئيات ... أو النوازل الجديدة وفقاً لتلك القواعد، أو تشبيهاً لها بما ورد عنهم من آراء في وقائع جزئية أخرى، وغير ذلك من الأساليب.

وفي العصر استجدت وقائع ونوازل جديدة ... وتصدى ثلة من العلماء للوقوف على أحكامها ... فرادى ومجتمعين عبر المجامع الفقهية.

الفرق بين الاستنباط والتخريج:

الاستنباط والتخريج عبارتان مختلفتان في المبنى ولكنهما متقاربتان في المعنى، ووجه التقارب في المعنى: أن كلا منهما ينبئ عن منهج في الاجتهاد.

أما الاستنباط: فهو استخراج الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة شرعاً.

أي: استفادة الحكم من الكتاب، أو السنة، أو الرأي المبني عليهما.

أما التخريج: فهو تفريع أحكام المسائل المستجدة على قول إمام المذهب وأصحابه، وإن شئت قلت: مقتضى دليل الإمام.


(١) الباحسين، التخريج، ص ١٨٧.
(٢) الطوخي، شرح مختصر الروضة: ٣ / ٢٤٢ ح والباحسين، التخريج عن الفقهاء والأصوليين، ص ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>