للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قول الإمام أبي حنيفة، أو الشافعي، أو مالك، أو أحمد رضي الله عنهم، يعتبر بمثابة القاعدة الشرعية التي يتفرع عليها أحكام مسائل خرجها فقهاء المذاهب بضوابط التزامها الفقيه الإمام.

وهكذا نجد: أن التخريج هو المرحلة التالية للاستنباط، فلا تخريج إلا وهو مسبوق باستنباط ....

وبذلك يتبين: أن الفتاوى على المذهب هي ضرب من التخريج الفقهي. أما نقل نفس عبارة الإمام فلا تعتبر تخريجاً.

ومن هذا المنطلق يمكن القول: أنه يجري على فقه التخريج من الضوابط والمنهجية ما يجري على فقه الاستنباط من الوقوف على مسائل الإمام هنا، كما ينبني على أدلة الإمام هنالك.

ولابد للمخرج على أقوال الأئمة من تحصيل رتبة علمية معينة تعرف عند المؤرخين الفقهاء بـ: (طبقة أصحاب التخريج) من المقلدين؛ كالرازي وأضرابه عند الفقهاء الحنفية.

الباعث على فقه التخريج:

لم يجتهد أبو حنيفة وأصحابه مثلاً في كل المسائل، بل اجتهدوا في استنباط حكم ما وقع في عصرهم من أحداث، وما فرضوه من صورة لكي يطبقوا أقسيتهم على كل ما يتصور وقوعه من جنس ما ينطبق عليه علة القياس، ومهما يكن مقدار ما وقع في عصرهم من حوادث استنبطوا أحكامها، وما قدروا من أمور استخرجوا أحوالها، فلابد أن يكون في كل عصر أمور لم يكن لهم أحكام فيها.

وإن الناس يجد لهم من الأقضية بمقدار ما يحدث لهم من أحداث، ولذلك كان لابد من وجود المخرجين في المذاهب الذين يبنون على قواعده أحكام حوادث لم تقع في عصر أئمة المذهب، ولم يؤثر عنهم أحكام فيها. وقد كانت هذه الطبقة من الفقهاء بعد عصر أبي حنيفة من تلاميذ أولئك الأصحاب ومن جاء بعدهم، فقد اجتهد هؤلاء في تعرف أحكام الوقائع التي حدثت في عصورهم المختلفة، وبنوا ما استنبطوه على القواعد التي استخلصوها من مجموع الفروع المأثورة عن أبي حنيفة وأصحابه.

ونقل النووي عن أبي المعالي الجويني: أن كل ما اختاره المزني أرى أنه تخريج ملتحق بالمذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>