للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في القاعة: فيجوز إلى عشر سنين أو أكثر، لأنها مأمونة، وقد مر العمل هنا بجواز ذلك إلى عشرين وثلاثين سنة لأمنها.

وأما قسم القاعات بين مالكيها وتبقى كل قاعة تحت يد مكتريها إلى انقضاء المدة فيجوز ذلك، كما يجوز بيعها على أن لا يقبضها المشتري إلا إلى أمد بعيد، وقد سبق بيان ذلك.

- هذا باختصار وحذف من أجوبة أبي الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي (١) .

- مسألة الاستصناع:

إجارة الصانع على أن مواد المصنوع عليه، ودون تحديد أجل، ودون دفع شيء مقدم، كما يدفع في السلم، العرف في هذه المسألة (التي ليست بسلم محض ولا بيع معين على ما نص علماء رضي الله عنهم وعنكم) ، كما في السؤال الذي ورد على الونشريسي فأجاب جواباً مطولاً.

- فقال ما مضمونه: إذا تواصفا السلعة وشرع في العمل يومئذ أو لأيام يسيرة جداً، فلا نزاع في الجواز، وسواء قدم النقد أو أخره على هذا المبيع المجتاز، لأنه بيع معين وأجارة صانع معين، واجتماعهما في صفقة واحدة وعقد واحد جائز سائغ لا خلل فيه ولا محذور، إلا على شذوذ من القول لا يلتفت إليه ولا يعول عليه عند الجمهور.

إلى قوله ... قال في كتاب الجعل منها (المدونة) : "ولا بأس أن يؤاجر على بناء دارك هذه والجص والآجر من عنده، ولما تعارف الناس ما يدخلها وأمد فراغها كان عرفهم كذكر الصفة والأجل ".

- وأطال قائلاً ... أنه قول مالك وابن القاسم مقيداً بأن يكون الأجير صاحب صنعة عمل الجص والآجر، فيصير تأخير النقد جائز كالاشتراء من الخباز ومن الجزار الدائمي العمل كل يوم خبزاً أو لحماً، والثمن معجل أو مؤخر إذا شرع في العمل.

وقال عن ابن رشد: "ولاشتهارها سميت بيعة المدينة ".

وختم بحثه بقوله: وقال ابن أبي منين في مسألة الجعل والإجارة: هذه مسألة لا يحملها القياس، وإنما هي استحسان واتباع، وقال سحنون: لا تحتملها الأصول. قال في التنبيهات، ومنعها عبد الملك في الثمانية (٢) .

وقد بين بعد ذلك أحكام فلس الأجير أو موته وتأثير ذلك على الصفقة.

قلت: هذه المسألة التي لم يقدم فيها الثمن ولا المثمن، فلا هي بيع آجل ولا سلم عاجل ولا إجارة محضة ولا جعالة، من أهم سند في عقود الاستصناع الحديثة التي يكتفي فيها بالاتفاق والوصف وآجال التسليم عن دفع الثمن الذي قد يكون مقسطاً بحسب ما ينجز من أجزاء الصفقة، وهو أمر لا مانع منه، بل هو أولى في الجواز مما هو مذكور هنا.

- ومن ذلك مسألة استهلاك العين المنغمرة (الأدوية تكون فيها مادة الكحول مستهلكة) أجاب أبو الفرج في مسألة الجلود التي فيها الذهب تغزل فيها خيوطه تباع بالذهب، فأجاب: إنها تباع لأنها كالعورض لوجود الاستهلاك وعدم تيسره، وهذا الوصف يسقط عنه حكم العين، ويعدم منه حكم العلة الموجبة لحكم التحريم، وهي كونه ثمناً للمبيعات، ونظير هذا في أن الاستهلاك ينقل الحكم عن العين ما قالوه في لبن المرأة إذا خلطوه بطعام أو دواء واستهلك فيه، ثم أو شربه الصبي؛ أن لا حكم له في التحريم على الأصح الأظهر (٣) .

- مسألة التطوع من المبتاع يرد المبيع إذا أحضر الثمن، وهو إقالة وصيفة من بيع الوفاء:

وجاز في رسوم الابتياع

كتب التطوع من المبتاع

لبائع بأنه التزم أن

يقبله متى أتاه بالثمن

واختير في ذاك كتاب مفرد

إذ هو عن ظن الفساد أبعد (٤)


(١) ٦ / ٤٦٤.
(٢) المعيار للونشريسي: ٦ / ٢٣٣ – ٢٣٦.
(٣) المعيار: ٦ / ٣١١.
(٤) العمل المطلق للسجلماسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>