للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد الشيباني:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛

فإنني أشكر الدكتور ناصر الدين الأسد على عرضه القيم، حيث إنه لم يُثرِ نفسه على غيره في عرضه. وإنني أريد أن أشير إلى بعض ما جاء في بحثي بحيث لا أزيد فيه على ما هو محدد إن شاء الله.

أقول جاء في هذا البحث:

لقد انتقد الغربيون الأحكام الشرعية ووصفوا أحكام القصاص والحدود بأنها أحكام قاسية تخالف في زعمهم ما أسموه بحقوق الإنسان، وهذا باطل، لأن القصاص والحدود ما شرعت إلا لحفظ الإنسان في نفسه ودينه وعقله ونسله وعرضه وماله.

وهذه هي الضروريات الواجب حفظها للإنسان تجب مراعاتها في كل ملة.

أما القصاص فقد شرع للحفاظ على حياة الإنسان. قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٩] .

وهذا واضح لمن تأمله، فالإنسان إذا علم أنه إذا قتل سيقتل فلابد أن يكفَّ عن القتل. قال القرطبي: (والمعنى أن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه ازدجر من يريد قتل آخر مخافة أن يقتص منه فحييا بذلك معًا) .

أما الدين فإن التمسك به إنما هو في صالح الإنسان نفسه، لأنه يكسبه حياة أبدية في نعيم الجنة ويجنبه الخلود في النار، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه))

أخرجه البخاري عن ابن عباس، رضي الله عنهما.

وأما العقل فإنه هو الذي يميز الإنسان والحيوان، ولصيانته شُرع حد شرب الخمر، صيانة لعقل الإنسان. وأما النسب فإن حفظه ضروري للإنسان ولذلك شرع حد الزنا؛ لأن الإنسان إذا لم ينسب لأب معروف فإنه تلحقه معرة شديدة.

كما أن حد القذف شرع حفاظًا على عرض الإنسان، وأما المال فإنه ضروري لحياة الإنسان فلذلك شُرع حد السرقة.

وبهذا يتضح أن القصاص والحدود إنما شرعت لمصلحة الإنسان في صيانة نفسه ودينه وعقله ونسبه وعرضه وماله.

وفي هذا المجال يطيب لي أن أنوه بالمرسوم الذي أصدره صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة - حفظه الله - وجاء في هذا المرسوم بالحرف الواحد:

(نأمر بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء على جميع القضايا الخاصة بالقصاص والدية والحدود وجرائم الأحداث والمخدرات، وأن يكون الفصل في هذه القضايا من اختصاص المحاكم الشرعية على مستوى الدولة. وعلى النيابة العامة إحالة جميع القضايا سالفة البيان إلى المحاكم الشرعية المختصة. وعلى جميع الجهات المختصة سرعة تنفيذ هذا الأمر) . وعندي صورة من هذا المرسوم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>