وفي هذا الخطاب الجامع إشارة أولًا: إلى ما أصاب الأمة من تفرق وداهمها من أحداث، وواجهها ويواجهها من تحديات ومشاكل، لابد من الانتصار عليها، كما ورد فيه.
ثانيًا: التنبيه إلى سبيل ذلك في هذا الظرف التاريخي الذي نعيشه ونمر به، والذي ينبغي أن يتخطى فيه شرف خدمة الشريعة حدود الجهود الفردية والإقليمية، ويجتاز الحدود السياسية، في أول تنظيم عالمي يتمثل في مجمع الفقه الإسلامي، الذي يلتقي فيه العلماء والفقهاء من مختلف البلاد الإسلامية ليشهدوا منافع لهم، ويقوموا بعرض وجهات نظر المذاهب الفقهية الاجتهادية المختلفة في كل قضية تبحث، ويجتهدوا في ذلك اجتهادًا جماعيًّا يوحد صفوفهم، وينتهي بهم إلى اكتشاف المنهج الأقوم لبيان الأحكام، ورعاية المصالح المعتبرة شرعًا، فيما يتخذونه من قرارات أو يصدر عنهم من توصيات.
وقد حدد الخطاب التأسيسي الملكي لهذا المجمع دوره وبدايات نشاطه قائلًا: إن البداية السليمة لبناء وحدتنا تتمثل في نبذ الخلافات بين المسلمين، وتصفيتها بروح الأخوة الإسلامية، كما أن البداية الحقيقية لقوتنا تعتمد على قدرتنا على مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية العالمية، بحلول إسلامية مستلهمة من روح الشريعة السمحة، ومتجاوبة مع احتياجات العصر، وإن هذا الأمر مهما بدا مشكلًا أو صعبًا يستطاع تذليله والتغلب عليه بالفهم الدقيق، والتدبر العميق للقضايا المطروحة، وبتجنب التعصب المقيت، فإنه لا معنى للتعصب في الإسلام، وإن طريق الوصول إلى الحكم ليعتمد ما بين أيدينا من أدلة تستمد من كتاب الله وسنة رسوله، طبقًا لضوابط الاستنباط وأصوله الشرعية المرعية لدى العلماء والفقهاء، وهو بما يوجه إليه من ذلك ليأمل من رجال الاختصاص المجتهدين في الأحكام في كل شؤون الحياة أن يحاولوا التوصل إلى رأي جامع، ليكون السبيل الأقوم لتحقيق الوحدة بين جميع الشعوب الإسلامية.