الواقع أن هناك سببًا تاريخيًّا لأوهام النقل عن المذاهب، حيث ينسب إليها ما يتبرأ منه أصحاب المذهب نفسه، وهو وجود الغلاة في بعض المذاهب وعدم التمييز بين ما ينتحلونه من أقوال، وبين المعتدلين من أصحاب المذهب نفسه، وفي ذلك يقول الشيخ محمد تقي القمي: ثم إن هناك مبدأ علميًّا هامًَّا متفقًا عليه بين الباحثين الراسخين، ذلك هو أن الإنصاف والأمانة العلمية، تحتمان على الباحث أن يستقي ما يريده من المعلومات من مصادره الصحيحة، وأنه ما دامت المراجع المعتمدة لمذهب ما ميسرة، فلا يسوغ الرجوع إلى غيرها، ولاسيما إذا كانت تستند إلى الشائعات، أو تصدر عن عصبيات، وإنه لمن الخير أن يطبق أهل العلم في كل مذهب هذا المبدأ، وعندئذ سيتجلى لمن يدرس مذهب الإمامية، ويعرف آراءهم من الواقع الماثل أمامه، أي خير وأي علم في هذا المذهب، ثم يتجلى له مدى التجني الذي ناله من المتحيزين أو المتعصبين عليه، حتى خلطوا بين الغلاة الذين ينتحلون وصف الشيعة، وبين الشيعة أنفسهم الذين يبرؤون إلى الله منهم، ويحكمون بكفرهم. وكم من كتب خلطت بين الشيعة والفرق البائدة التي لا وجود لها إلا في زوايا التاريخ، أو في تفكير المتحيزين (١) .
هذا، وإن التقسيم الرباعي الغالب هو: العبادات مع الحلال والحرام من الأشياء، والمعاملات المالية، والأنكحة وما يتعلق بها (الأحوال الشخصية) ، والعقوبات مع الأقضية، وهذا التقسيم الرباعي هو المتبع في كتب المذاهب الأربعة والزيدية والإباضية والظاهرية، على اختلاف في تقديم بعض الزمر على بعض، وفي محتوى كل زمرة.
(١) من تقديم التحقيق المعد من الشيخ محمد تقي القمي، لكتاب المختصر النافع، صفحة (ش) .