للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التثبت من نسبة الاختلاف:

لابد من التوثق في نسبة المسائل الخلافية إلى الأئمة، فهناك كثير من الأخطاء الناشئة عن التوهم أو النقل المتتابع أو بالتعلق الشائع. والطريقة العلمية هي نسبة ذلك الخلاف إلى كتب موثوقة الصلة بالإمام أو المذهب. ويلحظ أنه كثيرًا ما تختلف كتب المذهب نفسه في شأن بعض المسائل، فيرى فيها بعض المؤلفين ما لا يراه غيره، وربما تصبح الكتب المثبتة نادرة، أو تنقرض بعد نقل المسألة منها، فتحدث الفجوة بخلو الكتب المتداولة عن المسألة أو نفيها أحيانًا، وهذا يحدث بين أصحاب المذهب الواحد فلا يستغرب، فإذا انتقل ذلك لما بين المذاهب وقع النقد والنكير، ولاسيما في الأوساط الفقهية التي يغلب فيها تبدل الاجتهادات أو تجددها.

وعلى سبيل المثال فإن ابن حزم (١) قال: (ومن الإمامية من يجيز نكاح تسع نسوة، ومنهم من يحرم الكرنب (كالقنبيط) لأنه نبت على دم الحسين، ولم يكن قبل ذلك) وقد قال الشيخ عبد الحسين شرف الدين (٢) في معرض النقد لنسبة ذلك للشيعة: (ما زاد على أربع؛ أجمع الإمامية نصًا وفتوى على حرمته، والكرنب ليس عنه في كتبهم عنوان مخصوص، وحكمه كالخس والفجل واللفت. ثم قال شرف الدين: نسبوا للشيعة أنهم لا يأكلون لحم الإبل؛ مع أن الجزر تنحر في مشاهد أئمتهم! حتى إنهم لا يفتون بكراهة لحمها كما يفتون بكراهة الخيل والبغال والحمير. وكذلك عدم إيجاب العدة على النساء، مع أنهم أحوط فيها بحيث تبدأ لديهم مع العلم بالوفاة لا من نفس الوفاة، وإذا مات وهي حامل تتربص بأبعد الأجلين) .


(١) الفصل في الملل والنحل، ١٨٤٢.
(٢) الفصول المهمة، ص١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>