للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تفصيل لهذا يقول ابن تيمية: إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع، فللاجتهاد فيها مساغ، فلا ينكر على من عمل بها مجتهدًا أو مقلدًا.

قال ابن تيمية: قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره: إن المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه (١) .

وقال النووي: إنما ينكرون ما يجمع عليه الأئمة، وأما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن على أحد المذهبين: كل مجتهد مصيب، وهذا هو المختار عند كثير من المحققين أو أكثرهم، وعلى المذهب الآخر المصيب واحد، والمخطئ غير متعين لنا، والإثم مرفوع عنه (٢) .

الاقتداء بالمخالف في الفروع:

كتب ابن حزم رسالة في جواز الاقتداء بالمخالف في الفروع، أجاب فيها سائلًا متشددًا، فرد عليه ممثلًا بأنواع المسائل الخلافية، ومبينًا ما نقل فيها من صلاة الصحابة خلف من قال بها مجتهدًا.

وقد وقع الاتفاق علمًا وعملًا من الأئمة على أن المصلي يأتم بمن يخالف اجتهاده، أو ما يقلده من مذهب في أحكام الصلاة، ولو كان يرى أن مثل ذلك مفسد للصلاة أو غيره أولى منه، وذلك دفعًا للتفرق، وهناك كثير من الأمثلة على ذلك من صنيع الأئمة (٣) .


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية:٣٠/٨٠.
(٢) الآداب لابن مفلح: ١/١٨٦؛ وجامع العلوم والحكم لابن رجب، ص٢٨٤؛ وشرح صحيح مسلم للنووي: ٢/٢٣؛ وينظر دراسات في الاختلافات الفقهية للدكتور محمد البيانوني، ص١٠٣ - ١١٨.
(٣) حاشية ابن عابدين: ١/٣٧٨؛ ونهاية المحتاج: ٢/١٦٠؛ وكشاف القناع: ١/٤٤٢؛ ومجموع فتاوى ابن تيمية؛ ورسالة ابن حزم في مجموع رسائل ابن حزم، تحقيق إحسان عباس، بيروت، ١٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>