والفرق بين ما يتخذ من المال للاستغلال وما يتخذ للتجارة: أن ما اتخذ للتجارة يحصل الربح فيه عن طريق تحول عينه من يد إلى يد. وأما ما اتخذ للاستغلال فتبقى عينه، وتتجدد منفعته.
وعلى كل حال، فإن معرفة الحكم في المستغلات أمر مهم. وخاصة في عصرنا، بعد أن تعددت أنواع المال النامي فيه تعددًا واضحًا، فلم يعد مقصورًا على الماشية والنقود وسلع التجارة والأرض الزراعية.
فمن الأموال النامية في عصرنا: العمارات التي تعد للكراء والاستغلال، والمصانع التي تعد للإنتاج، والسيارات والطائرات والسفن التي تنقل الركاب والبضائع والأمتعة، غير ذك من رؤوس الأموال الثابتة أو شبه الثابتة، وبعبارة أدق: رؤوس الأموال المغلة النامية غير المتداولة التي تدر دخلًا وفيرًا على أصحابها، فماذا تقول شريعة الإسلام وفقهاؤها في زكاة هذه الأشياء؟
إن الجواب عن هذا السؤال يختلف باختلاف وجهة المضيقين والموسعين في إيجاب الزكاة.
وجهة المضيقين في إيجاب الزكاة:
أما الذين يميلون إلى التضييق في الأموال التي تجب فيها الزكاة، فيقولون:
١- إن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد الأموال التي تجب فيها الزكاة، فلم يجعل منها ما يستغل أو ما يكرى من العقارات والدواب والآلات ونحوها، والأصل براءة الناس من التزام التكاليف، ولا يجوز الخروج عن هذا الأصل، إلا بنص صريح عن الله ورسوله، ولم يوجد في مسألتنا.