للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الذي جعل المؤمنين إخوة في الدين والإيمان، وشبههم في تعاونهم وتضامنهم وتناصرهم بالجسد الواحد والبنيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد أوجب الإسلام على المسلمين أن يكونوا إخوة متحابين فيما بينهم، وبين مقتضيات هذه الأخوة وملتزماتها في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] ، وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: ١٠٣] ، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه))

(١) ، وكان من نتيجة هذه الأخوة والمحبة في الله أن تعامل أفراد المجتمع الإسلامي عبر التاريخ وخلال العصور على أحسن ما تعامل الناس مواساة وإيثارًا وتعاونًا وتكافلًا، وما أحوج الأمة الإسلامية اليوم جماعات وأفرادًا إلى القيام بحقوق الأخوة، والعودة إلى كامل الوداد وصادق المحبة والنصيحة.

إذن فلابد أن نعرف ما هو مفهوم الأخوة الإسلامية؟ وما هي فضائلها؟ وما هي حقوقها وآدابها؟ وهل نحن مطالبون بالوحدة الإسلامية، والإصلاح بين المسلمين، ومراعاة أدب الخلاف بين المؤمنين؟

هذه الأسئلة وغيرها هي موضوع هذا البحث المتواضع، ولا أدعي أني قد أحطت بالموضوع من كل زاوية وركن، وإنما أدليت بدلوي بين الإدلاءات المتعددة قدر الإمكان، ومَن بذل من الخير ما لديه فلا لوم بعد ذلك عليه.

والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ونبراسًا للأخوة في حياتهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠] .


(١) رواه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>