للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

مفهوم الأخوة الإسلامية

الأخ: مَن جمعك وإياه صلب أو بطن.

الأخ: الصديق والصاحب، والجمع: إخوة وإخوان.

وفي المثل العربي: رُبَّ أخ لك لم تلده أمك.

وأخوة النسب رحم يسأل عنها الإنسان؛ ولاسيما إذا دعمتها روابط الدين والمحبة والإخلاص.

وقد لا يكون بين الأخوين إلا رابطة النسب، وهي ضعيفة إن لم تدعمها معاني الأخوة الأخرى (١) .

ومن الناس مَن يؤاخي آخر لمصلحة شخصية، فإذا انقضت تصرم حبل المودة وانقسمت عرى الأخوة. وأقوى روابط الأخوة رابطة الدين.

والأخوة في نظر الإسلام: هي الآصرة العقيدية التي تشد المسلمين بعضهم لبعض، وهي الرباط الذي يربط بين قلوبهم، وهي من أوثق عرى الإيمان كما يقرر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)) (٢) .

ولذا كانت الأخوة في الإسلام صفة ملازمة للإيمان، وخصلة مرافقة للتقوى، إذ لا أخوة بدون إيمان، ولا إيمان بدون أخوة، فالله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] ، كما أنه لا أخوة بلا تقوى ولا تقوى بلا أخوة، والله تعالى يقول: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧] .

فإن وجدت أخوة ولم تجد من ورائها إيمانًا فهو التقاء مصالح، وتبادل منافع، وإن وجدت إيمانًا ولم تجد أخوة فهو إيمان ناقص يحتاج إلى معالجة.

والأخوة الإسلامية: هي رابطة نفسية تورث الشعور العميق بالعاطفة والمحبة والاحترام والثقة المتبادلة مع كل من تربطك وإياه أواصر العقيدة الإسلامية وركائز الإيمان والتقوى. فهذا الشعور الأخوي الصادق يولد في نفس المسلم أصدق العواطف النبيلة في اتخاذ مواقف إيجابية من التعاون والإيثار والرحمة والعفو والتكافل، وفي اتخاذ مواقف سلبية من الابتعاد عن كل ما يضر بالناس في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم والمساس بكرامتهم.

والأخوة الإسلامية نعمة من نعم الله التي امتن بها على عباده فقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: ١٠٣] .

كما امتن بها على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ٦٣] .


(١) الدعوة إلى الإسلام، أحمد البيانوني، ص١٧٢.
(٢) رواه الإمام أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>