للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - قصة ابني آدم عليه السلام:

قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩) } [المائدة: ٢٧ - ٢٩] .

والقرآن الكريم ذكر هذا الحوار الذي دار بين الأنبياء عليهم السلام وبين قومهم في آيات أخرى بلفظ الجدال، مما يدل دلالة واضحة أن الجدال نوع من أنواع الحوار، ومن تلك الآيات:

قوله تعالى: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود: ٣٢] .

وقوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: ١] .

كما أنه ورد الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بمجادلة أهل الكتاب، فهو أسلوب من أساليب الدعوة:

قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥] .

وقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: ٤٦] .

فالآيات السابقة تدل دلالة واضحة على جواز الحوار والجدال والمناظرة (١) ، بل على وجوبه إذا تعين أنه السبيل الوحيد لإبلاغ الدعوة، يقول الإمام الغزالي: (فعلم أن المدعو إلى الله تعالى بالحكمة قوم، وبالموعظة قوم، وبالمجادلة قوم، والخطاب يجب أن يتمايز وأن يتقن تصنيفه حسب هذه الأصناف، لأن الحكمة إذا غذي بها أهل الموعظة أضرت كما تضر بالطفل الرضيع التغذية بلحم الطير) (٢) .


(١) يرى الإمام الجويني أنه لا فرق بين الجدل والمناظرة، الكافية، ص١٩، ١٣٩٩هـ، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة.
(٢) إحياء علوم الدين: ١/٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>