للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجدال مشروط أن يكون بالتي هي أحسن حتى تجنى ثمرته، وإلا كان جدالًا مذمومًا.

فالجدال يكون محمودًا لإثبات الحق وإبطال الباطل، وقمع الكفر وإطفاء البدع، وتغيير سبيل المجرمين، وإيضاح منهج المؤمنين، والمناظرة المحمودة التي تكون للتفقه واستخراج الدلائل على المسائل، أو ما كان على معنى الاجتهاد في طلب السلامة وإصابة العدل، وتأدب بآداب الحوار في مناظرته (١) .

والجدال يكون مذمومًا إذا قُصد به الملاحاة وتأجيج نار العداوة في النفوس، وإيغار القلوب، والتعنت، أو كانت المجادلة بغير علم أو بالباطل، أو قصد بالمناظرة رئاء الناس، والعجب، والخيلاء، وحب المدح والثناء، وإشاعة الذكر في البلدان، وطلب الرئاسة، فما ورد في القرآن من ذم للجدال فهو محمول على هذه الوجوه، فقد ذم الله تعالى في القرآن الكريم ثلاثة أنواع من المجادلة:

الأول: ذم صاحب المجادلة بالباطل ليدحض به الحق، وذلك كقوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا} [الكهف: ٥٦] ، وقوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر: ٥] .


(١) السعدي، قاموس الشريعة: ٢/١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>