للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: ذم المجادلة بغير علم ولا برهان، وذلك كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان: ٢٠] ، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: ٨] ، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج: ٣] ، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: ٥٦] ، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: ٣٥] .

الثالث: ذم الجدال في الحق بعد ظهوره، وذلك في قوله تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: ٦] .

يقول الإمام الجويني: (ثم من الجدال ما يكون محمودًا مرضيًّا، ومنه ما يكون مذمومًا محرمًّا؛ فالمذموم منه ما يكون لدفع الحق، أو تحقيق العناد، أو ليلبس الحق بالباطل، أو لما لا يطلب به تعرف ولا تقرب، أو للمماراة وطلب الجاه والتقدم ... إلى غير ذلك من الوجوه المنهي عنها، وهي التي نص الله سبحانه وتعالى في كتابه على تحريمها، فقال: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨] ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤] .. وغيرهما من الآيات.

وفي مثله قال عليه الصلاة والسلام: ((دع المراء وإن كنت محقًّا))

(١) ، وهذا فيمن خرج عن أدب الجدل، أو لم يقطع اللجاج بعد ظهور الحق؛ كدأب الكفار مع الرسل.


(١) ورد الحديث عند الإمام أحمد،عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاحة، ويترك المراء وإن كان صادقًا) رقم٨٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>