للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الجدال المحمود المدعو إليه، فهو الذي يحقق الحق ويكشف عن الباطل ويهدف إلى الرشد، مع من يرجى رجوعه عن الباطل إلى الحق، وفيه قال سبحانه وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] ، وقال لرسوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١] ) (١) .

والجدال جائز بين المسلمين إذا التزمت آداب الحوار، يقول الإمام الجويني: (ومما يدل على حسن الجدال بل على وجوبه من طريق المعنى: ما ثبت من وجوب معرفة الشريعة، على الجملة، فرض على الكافة، وتفصيلها فرض على الكفاية. ولا سبيل إلى ذلك دون معرفة أصولها، من أدلة العقول وأحكامها، فإذا رأى العالم مثله يزل ويخطئ في شيء من الأصول والفروع وجب عليه - من حيث وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر - دعاؤه عن الباطل وطريقه إلى الحق، وطريق الرشد والصواب فيه؛ فإذا ألح في خطابه، وقوى على الحق شبهة، وجب على المصيب دفعه عن باطله، والكشف له عن خطئه بما أمكنه من طريق البرهان وحسن الجدال؛ فحصل - إذ ذاك - بينهما المجادلة، من حيث لم يجد بدًّا منه في تحقيق ما هو الحق، وتمحيص ما هو الشبهة والباطل، وصار - إذ ذاك - بهذا المعنى: الجدال، من آكد الواجبات، والنظر من أولى المهمات، وذلك يعم أحكام التوحيد والشريعة) (٢) .


(١) الكافية، ص٢٢ - ٢٣.
(٢) الكافية، ص٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>